المعارضة مفاعلة من عرض له في الطريق إذا وقف بين يديه ليمنعه من المسير ، وسميت بهذا الاسم أنن المعترض وقف بين يدي المستدل ليمنعه من المسير في إثبات قياسه . والمعارضة قسمان : الأول : معارضة في الأصل . د. غازي العتيبي – مشروع جمعية (أصول) لتيسير كتاب روضة الناظر والثاني : معارضة في الفرع . فالمعارضة في اأنصل ه : أن يبين المعترض أن في اأنصل الذي قاس عليه المستدل وصفاً آخر يقتض الحكم ، وملاله : أن يقول المستدل : علة تحريم الربا في اأنرز الطعم قياساً على البر ، فيقول المعترض : اأنصل ( البر ) فيه وصف آخر يصلح أنن يكون هو العلة وهو وه أحسن المعارضتين أنن المعترض لا يحتاج إلا إلى أمر واحد ( غير الوصف الذي ذكره في اأنصل ) وهو : بيان صلاحية الوصف الذي ذكره أنن يكون علة ، بخلاف المعارضة في الفرع فالمعترض يحتاج إلى أمرين ( غير الوصف الذي ذكره في اأنصل ) ، وهما : بيان صلاحية الوصف الذي ذكره أنن يكون علة ، وذكر أصل يرهد للوصف الذي ذكره بالاعتبار ( يعني : يدل على صحته ، بأن يقول : قياساً على كذا ) ، وهذا غير مستحسن في أصول المناظرة . وما احتي فيه إلى أمر واحد أحسن مما يحتاج فيه إلى أمرين أننه أخف وأيسر في البحث والمناظرة . وسب القدح في القياس بالمعارضة : أنه يحتمل أن تكون العلة ه الوصف الذي ذكره المعترض ، كما يحتمل أن تكون العلة ه الوصف الذي ذكره المستدل ، والدليل إذا تطر له الاحتمال المعتبر لم يصح الاستدلال به عند أهل النظر ( وهذا بناءً على عدم صحة تعليل الحكم الواحد بالرخص بعلتين مستنبطتين فأكلر ) . وهل يحتاج المستدل إلى حذ الوصف الذي اعترض به المعترض ؟ الأول : أنه لا يلزم المستدل حذف الوصف الذي اعترض به المعترض ، ونسبه ابن قدامة لقوم ( ولم يسمهم ) . واستدلوا على ذلك بما يل : د. غازي العتيبي – مشروع جمعية (أصول) لتيسير كتاب روضة الناظر 1- أن الوصف الذي ذكره المستدل يصح للتعليل لو انفرد عن الوصف الذي ذكره المعترض ، وإنما صح التعليل به لصلاحيته لذلك إذ هو مناس للحكم ، ومناسبته للتعليل لا تختلف سواء أأنفرد أم وجد معه وصف آخر يصلح للتعليل ، ولا يرتر لصحته عدم وجود وصف آخر غيره إذ العدم ليس من جملة 2- أن الوصف الذي ذكره المستدل يوجد الحكم عقيبه ، وإذا كان الوصف الذي ذكره المعترض يلبت الحكم عقيبه أيضاً فلا يكون هناك معارضة بين الوصفين ( الوصف الذي ذكره المستدل والوصف الذي ذكره المعترض ) ، بل يلبت الحكم عقي كل وذلك نظير وجو الاغتسال فإنه يلبت عقي الجماع وعقي الاحتلام . واستلنوا صورة ذكروا أنُا لا بد أن يحذف المستدل فيها الوصف الذي ذكره المعترض ، وه : ( إذا بين المعترض أن الوصف الذي ذكره يناسب إثبا الحكم عند وجود ما ذكره المستدل ، فيكون من قبيل المانع في الفرع ) ، وإيضاحها : أن المعترض إذا ذكر في اأنصل الذي قاس عليه المستدل وصفاً زائداً على الفرع ( أي : غير موجود في الفرع ) يصح تعليق الحكم به ، فألغى المستدل هذا الوصف ببيان أن الحكم ثبت في أصل ثان بدون هذا الوصف الزائد ، فذكر المعترض في اأنصل اللاني وصفاً آخر يصح تعليق الحكم به فإنه يلزم المستدل حذف هذا الوصف الآخر أننه إذا لم يلغه كان معارضاً به كما كان معارضاً بالوصف الذي ذكره المعترض في اأنصل اأنول . وملاله : أن المستدل إذا قال في أمان العبد : " مسلم مكلف ، كالحر " فذكر المعترض أن في اأنصل المقيس عليه ( وهو : الحر ) وصفاً زائداً على الفرع وهو : الحرية ، وهذا الوصف يصح تعليق الحكم به ، فلا يصح أمان العبد ، فألغى المستدل هذا الوصف بأن بين أن الحكم ( وهو : صحة أمان د. غازي العتيبي – مشروع جمعية (أصول) لتيسير كتاب روضة الناظر العبد ) ثبت في أصل ثان من غير أن يوجد وصف الحرية ، وهذا اأنصل اللاني هو : العبد المأذون له من سيده في القتال ، فذكر المعترض أن هذا اأنصل اللاني ( وهو : العبد المأذون له ) فيه وصف مناس لصحة اأنمان منه ، من سيده أنن السيد أذن له لما علم من قدرته على القتال ومعرفته بمصا، وهذا الوصف غير موجود في العبد غير المأذون له ، فيكون مانعاً من قياس الفرع ( وهو العبد غير المأذون له بالقتال ) على اأنصل اللاني ( وهو العبد المأذون له به ) ، فيلزم المستدل إلغاء هذا الوصف ( وهو الإذن ) أننه إذا لم يلغِه كان معارضاً به كما كان معارضاً بوصف الحرية في اأنصل اأنول . الثاني : أن المستدل يلزمه حذف الوصف الذي ذكره المعترض ، والدليل على ذلك : أن الوصف المناس إذا كان عارياً عن شهادة اأنصل لا يعتد به ، فإذا استند أنصل يرهد له ثبت الحكم على وفقه ، ولزم من ذلك إلغاء الوصف الذي ذكره المعترض أنن الوصف الذي ذكره المستدل ترجح برهادة اأنصل له . وإيضاح ذلك : أن المستدل لا يخلو من أن يكون ناظراً ( أي : مجتهداً ) أو مناظراً : فالناظر ليس له العمل بالوصف حتى يبحث ويغل على ظنه أنه لا يوجد وصف مناس غير الوصف الذي ذكره ، والظن الغال في الررعيات يكف في إثبات المقصود . والمناظر يكفيه إثبات مناسبة الوصف الذي ذكره ، ولا يلزمه البحث حتى يغل على ظنه عدم وجود مناس غيره أنن مقام المناظر أسهل من مقام النظر ، فالمجتهد يلزمه أن يستفرغ جهده حتى يغل على ظنه عدم وجود وصف مناس آخر ، بخلاف المناظر فيكتف ببيان أن الوصف الذي اعتمد عليه وصف مناس . وإذا ذكر المعترض وصفاً مناسباً غير الوصف الذي ذكره المستدل فحينئذ يتعارض ثلاثة احتمالات : أ- أن يلبت الحكم بناء على الوصف الذي ذكره المستدل ( الناظر ، - أن يلبت الحكم بناء على الوصف الذي ذكره المعترض . د. غازي العتيبي – مشروع جمعية (أصول) لتيسير كتاب روضة الناظر ت- أن يلبت الحكم بناء على الوصف الذي ذكره المستدل والوصف الذي ذكره المعترض . والاحتمال اأنخير أرجح أنن الوصفين مناسبان ، ولو فرضنا العمل بأحدهما فقط كان ذلك إعراضاً عن الآخر ، والرريعة جاءت بمراعاة اأنوصاف المناسبة لما ترتمل عليه من المصا، . وهذا هو الذي يلائم تصرفات العقلاء فإنا إذا رأينا شخصاً أعطى فقيراً قريباً له مالاً غل على ظننا أنه أعطاه المال لفقره وقرابته . ثم المعترض لا يحتاج إلى أن يرجح احتمال ثبوت الحكم بالوصف الذي ذكره فقط أو ثبوته بالوصف الذي ذكره والذي ذكره المستدل أنن مقصوده من معارضة قياس المستدل يحصل بوجود الاحتمال ، أما المستدل فلا يحصل مقصوده إلا بترجيح الاحتمال الذي ذكره وذلك بذكر أصل يرهد له ، فإذا لم يذكر أصلاً يرهد للاحتمال الذي ذكره كان ما ذكره المعترض أرجح أنن وجود أحد احتمالين لا بعينه أقر من وجود احتمال متعين إذا تساوت الاحتمالات ، أما إذا ترجح الاحتمال المتعين برهادة اأنصل فيكون هو اأنقر . جواب المستدل على المعارضة في الأصل : إذا تقرر أن المستدل يلزمه أن يلغ ( يحذف ، يبطل ) الوصف الذي عارض أصله به المعترض ، 1- النقض ، وذلك بأن يبين المستدل أن حكم اأنصل ثابت بدون الوصف الذي ذكره المعترض ، وملاله : أن يقول المستدل : علة تحريم الربا في البر الطعم ، فيعارضه المعترض بوصف الكيل ، ذلك يحرم فيه الربا ، فيدل على أن الطعم مستقل بكونه العلة . فإن أجا المعترض بأن في اأنصل وصفاً مناسباً آخر غير الوصف الذي حذفه المستدُّل ، بأن يقول : اأنصل فيه وصف مناس آخر يقتض خلاف الحكم الذي ذكرته قياساً على كذا ( ويذكر أصلاً آخر يقتض خلاف الحكم الذي الإيناس بتيسير القياس أ. د. غازي العتيبي – مشروع جمعية (أصول) لتيسير كتاب روضة الناظر أخرى ، إذ القاعدة : أن العك غير لازم في العلل الشرعية . وملاله : أن يقول فيقول المعترض : فيقول المستدل : الذكورة وصف لردي في با العتق . 3- أن يبين المستدل أن العلة ثبتت بنص أو إمكاء ، وملاله : أن يقول المستدل : المرأة كالرجل المرتد ، فيقول المعترض : يوجد في اأنصل وصف آخر وهو تكلير سواد المقاتلين للمسلمين ، وهو غير موجود في المرأة أننُا ليست من أهل القتال ، فيقول المستدل : العلة ( وه : الردة ) ثبتت بالإمكاء في قوله صلى الله عليه وسلم : (( من بدل دينه فاقتلوه )) [رواهالبخاري] ، فقد رت حكماً( وهو : القتل ) على وصف ( وهو : تبديل الدين ) بصيغة الجزاء ، فدل ذلك على أن هذا الوصف علة لهذا الحكم . وليس جزءاً من العلة ) ، وملال ذلك : أن يقول المستدل : من أكل أو شر في نُار رمضان وجبت عليه الكفارة ، قياساً على الجماع ، بجامع انتهاك حرمة الرهر ، فيقول المستدل : العلة خصوص الجماع ، ذكرتها أرجح أننُا متعدية ، بخلاف علة المستدل فه قاصرة . الإيناس بتيسير القياس أ. د. غازي العتيبي – مشروع جمعية (أصول) لتيسير كتاب روضة الناظر وإذا تبين رجحان الوصف الذي ذكره المستدل ( أو المعترض ) وج العمل به أنن مصلحة الراجح أعظم من مصلحة المرجوح ، وليس من شأن العقلاء العمل بالمرجوح وترك العمل بالراجح ، فالرارع الحكيم من با أولى . ويعرف رجحان ما ذكره المستدل ب : بالدليل من النص أو الإجماع ، أو بأن يكون الوصف الذي علل به مناسباً والوصف الذي اعترض به المعترض شبهياً ، أو أن يسلم المعترض برجحان ما ذكره المستدل . والمعارضة في الفرع ( وه القسم اللاني من قسم المعارضة ) معناها : أن يذكر المعترض في الفرع شيئاً مكتنع معه ثبوت حكم اأنصل فيه . والمعارضة في الفرع قسمان : الأول : أن يعارض المعترض القياس بدليل أقوى منه من نص أو إجماع ، وملاله : أن يقول المستدل : لا يصح السلم في الحيوان أننه لا ينضبط ، فهو يجمع لحماً وشحماً وجلداً وعظماً ، وما اختلفت أنواعه وتغايرت صفاته لا يصح السلم فيه ، قياساً على المعجونات من عدة أشياء ، فيقول المعترض : قد ورد في هذا الفرع ( السلم في الحيوان ) دليل يدل على عدم صحة إلحاقه بالمعجونات ، وهو : (( أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكراً ورد رباعياً )) [ رواه مسلم ] . وقد تقدم أن القياس الذي يعارض نصاً أو إجماعاً يعتبر قياساً فاسد الاعتبار . الثاني : أن يذكر المعترض في الفرع وصفاً مكنع من إلحاقه باأنصل ، وملاله : أن يقول المستدل : لا يجوز الغرر في الهبة ، قياساً على البيع ، فيقول المعترض : الهبة فيها وصف مكنع من إلحاقها بالبيع ، وهو : أنُا عقد تبرع ، وعقود التبرعات يتسامح بوجود الغرر فيها أننُا إحسان محض ، بخلاف البيع فهو عقد معاوضة ، الإيناس بتيسير القياس أ. د. غازي العتيبي – مشروع جمعية (أصول) لتيسير كتاب روضة الناظر أحدهما : أن يذكر المعترض وصفاً مكنع من إلحا الفرع باأنصل في الحكم ، كما تقدم في منع قياس الهبة على البيع في عدم جواز الغرر أنن الهبة فيها وصف مكنع من القياس وهو أنُا عقد تبرع . وهو : أن يكون الطريق الذي منع المعترض به الحكم مساوياً للطريق الذي أثبت المستدل به الحكم أنن المعارضة لا تتحقق إلا في حال استواء لريق الحكم في الإثبات والمنع ، والمقصود بطريق الحكم : العلة واأنصل ، وملاله : أن يقول المستدل في مسألة رفع اليدين في الركوع : الركوع ركن ، كالسجود ، كتكبيرة الإحرام ، فالطريق واحد أنن علة المستدل والمعترض ( وه : أن الركوع ركن ) وصف شبه ، واأنصل الذي قاس عليه المستدل ( وهو : السجود ) ركن من أركان الصلاة ، الصلاة . فإن كان أصل أحدهما ركناً وأصل الآخر واجباً ، أو أصل أحدهما واجباً وأصل الآخر مستحباً لم يصح الاعتراض ، وكذا لو اختلفت العلة في القوة بأن كانت علة المستدل مؤثرة وعلة المعترض منا ِسبة ، أو علة المستدل مناسبة وعلة المعترض شبهية لم يصح الاعتراض أنن المعارضة لا تحصل مع اختلاف الرتبة إذ الرتبة اأنقوى ( في اأنحكام والعلل ) تقدم على مادونُا . والآخر : أن يذكر المعترض في الفرع وصفاً مكنع كون الوصف الذي ذكره المستدل سبباً للحكم ، كالرجل ، كالكافرة اأنصلية . فالمعترض هنا ذكر وصفاً منع به كون تبديل الدين سبباً لقتل المرتدة ، الإيناس بتيسير القياس أ. اأنمر من حالين : الأولى : أن ينتف احتمال وجود المصلحة التي ذكرها المستدل : وحينئذ لا حاجة أنن يذكر المعترض أصلاً يرهد للوصف الذي ذكره لعدم الحاجة لذلك . الثانية : أن يبقى احتمال وجود المصلحة التي ذكرها المستدل ، ولو كان هذا الاحتمال بعيداً : فلا يضر المستدل المعارضة التي ذكرها المعترض أننا قد عهدنا من الرارع الاكتفاء بوجود مظنة المصلحة إذ المظنة تقوم مقام المئنة ، وحينئذ يحتاج المعترض إلى أن يذكر أصلاً يرهد للوصف الذي ذكره بالاعتبار ، ويبين به أن الرارع هنا لا يكتف باحتمال وجود المصلحة حتى يتمكن من معارضة الوصف الذي ذكره المستدل . انقلاب المستدل معترضاً والمعترض مستدلاً في المعارضة : في المعارضة ينقل المستدل معترضاً على الوصف الذي ذكره المعترض بما مككنه من الاعتراضات الواردة على القياس ، وينقل المعترض مستدلاً على إثبات الوصف الذي ذكره ، وملال ذلك : أن يقول المستدل : سؤر الهر لاهر من غير كراهة ، فيكره سؤره ، كسائر السباع ( فهذه معارضة من المعترض ) ، فيقول المستدل : صفة السبعية غير موجودة في الهر أنن السبع : ما له نا ويعتدي على الناس ، والهر لا يعتدي على الناس ، بل هو من الطوافين عليهم ( وهذا انقلا من المستدل من كونه مستدلاً لكونه معترضاً على الوصف الذي ذكره المعترض ) ، فيقول المعترض : الدليل على أن الهر سبع : أنهقدوردفيالحديث: ((الهرسبع ))[أخرجهالحاكمفيالمستدرك](وهذاانقلا منالمعترضمن كونه معترضاً لكونه مستدلاً على صحة الوصف الذي ذكره ) ، فيقول المستدل : الحديث لا يصح ، ولو سلمنا صحته فلا يراد بكونه سبعاً المعنى الحقيق للسبع ، وإنما المراد به المعنى المجازي أننه يربه السباع في الصورة ، ولو سلمنا أن المراد به المعنى الحقيق للسبع فلا الإيناس بتيسير القياس أ. حكم المعارضة : اختلف في ذلك على قولين : الأول : أنُا لا تقبل ، ونسبه ابن قدامة لقوم ( ولم يسمهم ) . ودليلهم : أن مقصود المعترض هدم ما بناه المستدل ، والمعارضة بناء دليل جديد ، واختاره ابن قدامة .