ساد العالم في القرن السادس الميلادي -قبيل البعثة- دولتان كبيرتان على مقربة من جزيرة العرب؛ ولكل دولة من هاتين الدولتين حضارة ذات ثقافة وقانون، وكانت تعاليم "زرادشت" -الذي زعموه نبيا لهم- تقوم على أساس أن هناك نزاعا وتصادما بين القوى المختلفة: بين النور والظلمة، فكان يقول أيضا بالنور والظلمة، أما دولة الروم التي كان يحكمها القياصرة، لتستعين بها على الجدل، بما في ذلك القانون الروماني، وهذا من شأنه أن يقيم قواعد للمعاملات المالية والعلاقات التجارية. وكان لها علاقة تجارية مستمرة بسوريا "الرومانية"، فأسس الفرس إمارة الحيرة على نهر الفرات، وأمروا عليها عمرو بن عدي، وكان آخر ملوك الحيرة النعمان بن المنذر الخامس، وقد تأثر عرب الحيرة بثقافة الفرس، وتسربت اليهودية إلى بلاد العرب، " وهذه الأمور الثلاثة: ١- التجارة ٢- الإمارات على تخوم فارس والروم ٣- اليهودية والنصرانية كانت وسائل لنقل المدنيات المجاورة إلى العرب ونفاذ ثقافتها إليهم. يقول ابن خلدون فيهم: "إن العرب لطبيعة التوحش الذي هم فيه أهل انتهاب وعبث، وقل أن يسلم واحد منهم الأمر لغيره ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته إلا في الأقل، ولهم مزاجر في مظالمهم في مثل الجنايات والديات والقسامة وما شاكلها. تلك هي حال العرب والعالم قبل البعثة،