للدفاع عن الديمقراطية، يجب إعادة تركيز الحياة الاجتماعية والثقافية على المظالم الشخصية، ليجد الأفراد دورهم الإنتاجي بدلًا من مجرد الاستهلاك. الأخلاق هنا ضرورية كأداة للدفاع عن هذه المظالم، بعكس الكنائس التي غالبًا ما تدعم قوى تهدد حرية المظالم الشخصية. الأخلاق تستدعي الجدل، لأنها لا تُغيّر المجتمع من أساسها، بل تساهم في إعادة بناء المجال العام بين العالم التجاري والموروث الثقافي. كفاح الفرد ضد السلطة الطائفية ومنطق المناهج التجارية يجعل من موضوع الحرية والديمقراطية أمرًا لا ينفصلان. الحرية الإيجابية ليست نتيجة للتعبئة السياسية فقط، ولا نستطيع الاعتماد على تحول مجتمعي شامل، لأنه قد يؤدي إلى سلطة استبدادية. لكن الحرية لا يمكن أن تكون سلبية فقط، ويجب على الأفراد، من خلال المشاركة في قرارات ديمقراطية، أن يدمجوا موروثهم مع بيئتهم، لتحقيق تطلعاتهم الخاصة مع معنى شمولي. الديمقراطية ليست غاية بحد ذاتها، بل شرط لإنشاء عالم من فاعلين مختلفين، يصوغون معاً حديث الإنسانية. الديمقراطية التي لا تخدم الأفراد تنحدر إلى آليات مؤسساتية تُستخدم من قبل الأقوياء. هذا يتعارض مع أفكار مثل راولز الذي يرى أن مصلحة كل فرد مضمونة من خلال مجتمع منصف، حيث تتكامل حرية الفرد ومساواة الجميع. لكن هذا التصور القانوني يستبعد العلاقات الاجتماعية، في حين أن "المظالم" وعلاقتها بالسيطرة الاجتماعية أهم. الديمقراطية تعارض الاستغلال، وتستخدم سلطة التحرير الجماعي والشخصي، مختلفة عن السعي وراء المصلحة الشخصية فقط. النموذج البريطاني مثلاً، كان قادراً على تحقيق التوازن بين العدالة والمساواة. أما النموذج التحرري، فقد يقع في أخطاء النموذج التكنولوجي، مالم يسعى لإصلاحات قانونية، كما فعلت الحركة العمالية الأوروبية. الفعل الديمقراطي هو إشراك المؤسسات في حركات التحرير. القانون لا يقيم الديمقراطية، بل الديمقراطية هي التي تقيم دولة القانون. تهديد آخر للديمقراطية هو المجتمع الجماهيري الذي يرى في النظام السياسي بيروقراطية، ويريد الحد من دور الدولة لخدمة الأسواق. تلك الليبرالية الضيقة قد تعتبر نفسها ديمقراطية، لكنها تُهدد الديمقراطية بالتسامح المفرط. المجتمع الجماهيري قد يؤدي إلى تشظي المجتمع إلى طوائف، وهذا يتطلب إعادة اكتشاف علاقات اجتماعية خلف الاستهلاك. وسائل الإعلام غالباً ما تكون غامضة، بينما يجب أن تكون علاقة بين البشر وقيمهم. يجب تجاوز التعارض بين ثقافة عالية وشعبية، ليصبح التركيز على منطق الاستهلاك ومنطق إنتاج المواقف. هناك تعارض بين منطق الاستهلاك ومنطق الإنتاج، لكن هناك أيضًا تكامل. الدولة هنا تلعب دورًا في حماية المشاهدين من السلطة المكثفة. لا ديمقراطية دون كفاح ضد سلطة ما، ومجتمع الاستهلاك، رغم جوانبه الإيجابية، يُهمل الجوانب الاجتماعية والسياسية. الديمقراطية ليست معارضة للمجتمع الجماهيري، بل هي جهد للارتقاء من الاستهلاك الفردي إلى اختيارات اجتماعية، لتحويل المستهلك إلى مواطن فاعل.