تقديم عام تعبير القانون الضريبي هو ترجمة للفظة المرادفة له باللغة الفرنسية droit‏ ‏fiscal ، وبالتالي فاللفظة الدقيقة والمرافقة له في هذه الحالة في اللغة الفرنسية هي laloi ، والواقع أن القاعدة الضريبية هي بالضرورة قاعدة قانونية فهي بالرغم من طابعها المميز الذي يضفي عليها بعض الخصوصية تمتلك مختلف خصائص القاعدة القانونية، والمراد بالنص في هذه الحالة النص القانوني الذي له صبغة تشريعية وليست تنظيمية. كما أن القانون الضريبي droit fiscal قد يدل على المادة الأكاديمية . أو الحقل المعرفي الذي يعنى بدراسة المقتضيات والقواعد القانونية المتعلقة بالضرائب، سواء على مستوى نظريتها العامة أو على مستوى تنظيماتها الفنية أو تطبيقاتها، مدرجة ضمن الدراسات المتعلقة بالمالية العمومية عموما، ولم تنفصل دراسة القانون الضريبي عن مادة المالية العمومية إلا في السنوات الأخيرة بعد أن تم فصل النظام القانوني الميزانية الدولة عنها بدوره، وهذه الاستقلالية لحقل القانون الضريبي طبيعية بالنظر لأهمية الشان الحباني اليوم ولأبعاده المتعددة. تتعدد المفاهيم التي يزخر بها الحقل الضريبي مما يستلزم تحديدا لهذه المفاهيم بدها بالضريبة في حد ذاتها إلى مفاهيم القانون الضريبي والنظام الضريبي والسياسة الضريبية وغيرها. الفصل الأول: ماهية القانون الضريبي عرف البعض القانون الضريبي بكونه فرع القانون الذي ينظم مساهمة الأشخاص في التنظيم العالي للدولة، والتعريفات المذكوران يعتريهما النقص وذلك بالنظر إلى تحديدهما للمفهوم من خلال أحد أطراف العلاقة الجبائية دون الطرف الآخر، فالتعريف الأول يركز القانون الضريبي من خلال مساهمته في تمويل النشاط المالي العمومي للدولة، بينما يتجاهل أي دور للإدارة الجبائية في هذا المجال بالرغم من كونها الطرف الأقوى في المعادلة الجبائية. في حين أن التعريف الثاني يقوم بتحديد منافض لمفهوم القانون الضريبي، من خلال التركيز على الإدارة الجبانية وسلطاتها في مجال التضريب، في الوقت الذي يتم فيه تغييب دور الملزم الضريبي والذي أصبحت معظم التشريعات تمنحه دور الشريك في العملية الجبائية وعدم الاكتفاء بدور المكلف الخاضع للاقتطاع الضريبي فقط حيث وبالرغم من الامتيازات والسلطات التي تتمتع بها الإدارة الجبانية في عملية الفرض الضريبي، وهكذا يمكن تعريف القانون الضريبي بكونه مجموع المقتضيات المؤسسة والمنظمة للواجب الضريبي وكيفية قيام المكلفين به وصلاحيات الإدارة الجبائية في هذا المجال. وانطلاقا من هذا التعريف يمكن الاستنتاج بأن مقتضيات القانون الضريبي تشتمل على عناصر أساسية يمكن إجمالها في العناصر التالية نطاق أو مجال تطبيق الضريبة تحديد وعاء الضريبة - تصفية الضريبة الواجب الضريبي منظم بمختلف أنواع ودرجات القواعد القانونية بدءا بالنص الدستوري وكذا النصوص القانونية التنظيمية والعادية، إضافة إلى النصوص ذات الصبغة التنظيمية بل أن تطبيقات الفقه الإداري واجتهادات القضاء تسهم بدورها في وضع المبادئ والقواعد الضريبية. الفرع الأول: الدستور يتم التنصيص على الواجب الضريبي وتأطيره العام وفقا لمقتضيات الدستور وهو مينا عام تعتمده معظم التشريعات في العالم، والتشريع المغربي يندرج في نفس السباق ولا يشد عن القاعدة العامة، وهكذا ينص الفصل 39 من الدستور المغربيلسنة 2011 الفصل 17 من الدستور سابقا قبل سنة 2011) أن " على الجميع أن يتحمل كل على قدر استطاعته التكاليف العمومية، نصا مؤسسا الواجب الحريبي وللمبادئ المعتمدة في فرضه والمؤطرة له، مبدأ المساواة أمام الضريبة حيث يخضع جميع المواطنين وبشكل تماسي للواجب الضريبي إسهاما منهم والتزاما في تغطية النفقات العمومية الموجهة للاستجابة للمصلحة العمومية، وهو ما يتضح من الصياغة الدستورية " على الجميع أن يتحمل. التكاليف العمومية. مب دأ شرعية أو قانونية الضريبة انسجاما مع القاعدة العامة لا ضريبة بدون نص، حيث يكرس النص الدستوري هذه القاعدة العامة كما يتضح من التعبير التالي . للقانون وحده إحداثها وتوزيعها . - مبدأ العدالة الضريبية ومراعاة المقدرة التكليفية للخاضعين للضريبة وهو مبدا متفرع عن المبدأ العام في ضمان الحد الأدنى للمعيشة، ومقدارها وطرق تحصيلها نظام الجمارك. وتشكل بمعية الدستور ما يصطلح عليه بكتلة النصوص الدستورية bloc de constitutionnalité ، على أن قانون المالية يصدر . وبالفعل فإن القانون التنظيمي لقانون المالية كنص مكمل المقتضيات الدستورية حدد جرنا للموارد العمومية للدولة، الضرائب والرسوم الفرع الثاني: القانون يعتبر الاختصاص الحصري للجهاز التشريعي في فرض الاقتطاعات الجبانية وتنظيم طرق وكيفيات تحديدها واستخلاصها، تكريما لمبدأ قبول او من قبل من Principe du consentement de l'impot الرضا بالضريبة سيقوم بأدائها، وهو مبدأ قديم نتج عن صراع تاريخي بين السلطة التنفيذية القائمة و دافعي الضرائب الممثلين في البرلمان، غير أن هذه الموافقة على التضريب لا تتم بصيغة مباشرة من قبل المكلفين بأداء الضرائب وإنما اختزلت في معظم التشريعات في صورة غير مباشرة تتجسد بالأساس في مصادقة البرلمان باعتباره جهازا تمثيليا الخاضعين للضريبة. كصلاحية حصرية للسلطة التشريعية الاختصاص بإحداث التكاليف العمومية وتوزيعها. وإذا كان جميع المواطنين في الدولة يتحملون هذه التكاليف العمومية، بمعنى يسهمون في تغطيتها أو تمويلها، فإن هذه التغطية تتم بالأساس من خلال الاقتطاعات الجنائية باعتبارها العمود الفقري لتمويل الميزانية في أغلب بلدان العالم، باستثناء بعض الدول التي تعتمد على اقتصاد الربيع وخاصة البلدان النفطية، وبالنتيجة يصبح القانون هو المختص بفرض هذه الاقتطاعات وتوزيعها على المكلفين بها مع مراعاة قدراتهم التكليفية. وهذه النسبية ترتبط عموما بأزمة التمثيلية البرلمانية وخاصة على مستوى الصلاحيات المالية بشكل عام ومن ضمنها الصلاحيات المتعلقة بالضرائب، وتتجلى هذه الأزمة في تقلص الدور التشريعي للبرلمان مقابل تأهيل أو تصاعد دور الجهاز التنفيذي، فالرسوم شبه الضريبية Parafiscalité مثلا يتم إحداثها بمجرد مرسوم صادر عن الحكومة وليس من خلال قانون رغم أنها اقتطاع جباني عمومي، إلا أنها تحال عليه بعد أن تكون واقعا مطبقا على الأرض، إن ظاهرة تقلص صلاحيات البرلمان في المجال المالي عموما وفي التشريع الضريبي على الخصوص، تتفاقم إذا أخذنا في الاعتبار كون النصوص الضريبية تخضع للتعديل المتواصل بمناسبة كل قانون مالية سنوي أو تعديلي، بل إنها تشكل أهم الأحكام القانونية التي تدرج ضمن قانون المالية. حيث أن هذا الأخير وفضلا عن إمكانية تعديله للضرائب القائمة إما بشكل جوهري أو جزئي، وما دام أن النصوص الضريبية ذات ارتباط ضيق بقانون المالية، فإن كل مظاهر تقلص صلاحيات البرلمان في التشريع الخاصة بقانون المالية لهم للقانيا المادة الجبائية، مكوناته محدودية التعديل البرلمانية لمشروع قانون المالية تهم بالأساس الأحكام الضريبية بداعي الحفاظ على التوازن المالي، كما أن الأجال المخصصة لدراسته والمصادقة عليه محدودة زمنيا، بدءا بقانون إطار متعلق بالإصلاح الضريبي ثم قوانين متعلقة بمختلف الضرائب الضريبة على الشركات الضريبة العامة على الدخل الضريبة على القيمة المضافة. قام بذلك عبر قوانين المالية السنوية وليس من خلال مسطرة تشريعية عادية تكفل تمحيص النصوص ودراستها بشكل مستقيض، ثم أتبعها وفق نفس المسطرة بكتاب الوعاء والتحصيل، لتنتهي هذه العملية بإصدار المدونة العامة للضرائب بموجب مادة من مواد قانون المالية لسنة 2007 ولاحقا سيتم إدماج نصوص قانونية تهم ضرائب متعددة ضمن المدونة العامة الضرائب وفق نفس المسطرة المعتمدة دائما مما يبرز الرغبة في تفادي إصدار القوانين الضريبية بموجب مسطرة تشريعية عادية كضمانة للدراسة المعمقة للنص. واحترام المنهجية الديمقراطية في اعتماد نصوص بأهمية القوانين الضريبية. الفرع الثالث: النصوص التنظيمية تحيل مقتضيات أغلب القوانين الضريبية على النصوص ذات الصبغة التنظيمية والتطبيقية، وهذه النصوص الأخيرة مكملة ومفصلة للنص القانوني وتتعلق النصوص التنظيمية بالمراسيم أساسا إضافة إلى القرارات الوزارية. الفرع الرابع: الفقه الإداري ومن أهمها قاعدة اليقين التي تعني ضرورة وضوح الضريبة بالنسبة للمكلف بأدائها وتجنب عموض المقتضيات المنظمة لها، وهذا ما يدفع الإدارة الجبائية إلى محاولة تفسير النصوص الجبائية عبر مذكرات توضيحية ودوريات وأحيانا أجوبة إدارية عن استفسارات الملزمين بالضريبة، إداري موجهة بالأساس إلى مفتشي الضرائب إلا أن مختلف فئات الملزمين تستهدي بها عند القيام بأداء واجبها الجبائي وتكمن أهمية هذه الوثائق في كونها تعتبر أداة الاشتغال الأساسية لمفتش الضرائب الذي لا يأخذ بالاعتبار النص القانوني الضريبي، حتى ولوكان هناك بعض التناقض بين النص القانوني والمذكرة التوضيحية، خاصة وأن هذه المذكرات قد تعتمد تفسيرا المقتضيات النص القانوني مغاير لإرادة المشرع وأمام ضعف موقع المكلف بالضريبة اتجاه الإدارة الجبائية، الفرع الخامس: القضاء القضاء المختص في المادة الضريبية هو القضاء الإداري عموما، غير أن مبدأ التفسير الضيق للنص الضريبي، باعتباره من أهم القواعد المعمول بها في مجال تفسير وتأويل النص الجباني، والذي يستبعد التوسع في التأويل، قد بشكل عائقا أمام القضاء في خلق مبادئ أو قواعد جديدة على مستوى القانون الضريبي إلا أن التجربة التاريخية، خصوصا على المستوى المقارن، فعلى مستوى الاجتهاد القضائي الفرنسي مثلا قام مجلس الدولة الفرنسي بخلق مجموعة من النظريات العامة الأساسية في المجال الضريبي، وفي المغرب فإن تجربة المحاكم الإدارية وعلى الرغم من دورها في حماية الملزمين لم تسلك نفس اتجاه القضاء الفرنسي. الفرع السادس الاتفاقيات الضريبية الدولية الاتفاقيات أو المعاهدات الدولية سواء كانت ثنائية أو متعددة الأطراف مصدر من مصادر القانون الضريبي على المستوى الوطني، وغالبا ما يكون موضوع الاتفاقيات الدولية يستهدف إما تجنب الازدواج الضريبي بفعل فرض الضريبة على نفس الوعاء في أكثر من دولة،