لكن دون كيخوته استمر يتلو رومانسيته ردا على كل سؤال ألقي عليه. حتى اضطر الفلاح أن يسأله عما يشعر به من وجع لكن يبدو أن الشيطان - فيما يلوح - قد أصر على أن يذكره بكل الحكايات التي تلائم حاله تلك: فسرعان ما نسي فالدوفينوس وتذكر ابن إدريس المراكشي لما أن أسره رودريجو دي نرفانت حاكم أنطقيره واقتاده إلى صومعته. حتى إنه لما سأله الفلاح مرة أخرى عن حاله وما يشعر به أجاب بنفس العبارات والكلمات التي قالها الأسير الذي من بني سراج لرودريجو دي نرفانت، وطبقه على حاله تماما حتى جن جنون الفلاح وهو يسمع هذا الخليط الهائل من الغرائب. وحث الخطى إلى القرية ليتخلص مما أثاره دون كيخوته في نفسه من الحفيظة بخطبته المسترسلة التي ختمها بقوله: فأجاب الفلاح: ولا مركيز منتوا ، وكذلك أبطال الشهرة (۲) التسعة كلهم، لا تداني أبدا أعمالي. وظلوا في هذه الأحاديث وأشباهها حتى بلغوا الناحية ساعة المغيب. حتى لا يرى الناس هذا السيد المحطم على هذه الحال البائسة، ولهما كانت الخادمة تقول شاكية وإني لأذكر الآن أني سمعته مرات عديدة يتحدث إلى نفسه قائلا إنه يريد أن يصبح فارسا جوالا. إنه سيسعى في مناكبها بحثا عن المغامرات. ألا فليستحق إبليس والزبانية هذه الكتب التي أفسدت أذكى عقل في إقليم المنتشا كله. وقالت ابنة أخيه الشيء نفسه وأضافت: