هَذَا الشَّارِعُ المُمْتَدُّ مِنْ شَوَارِعِ مَرْسِيلُيَا يَعْرِفُ عَائِدَةَ". إِنَّهُ مَعْبَرُهَا الْيَوْمِيُّ مِنَ البَيْتِ إلى المَدْرَسَةِ. وَجْهٌ عَرَبِيٌّ مُسْتَدِيرٌ ، لَكِنَّ لِعَائِدَةٍ سِرًا يُحَيِّرُ أَصْدِقَاءَهَا إِنَّهَا تَتْرُكُهُمْ أَحْيَانًا لِتَنْتَحِيَ رُكْنًا مِنَ السَّاحَةِ فَتُخْرِجُ مِنْ جَيْبِهَا حَافِظَةٌ صَغِيرَةٌ تَنْظُرُ إِلَيْهَا مَالِيًّا، لَمْ يَكُنْ أَمْرُ الحَافِظَةِ فِي البِدَايَةِ يُثِيرُ أَكْثَرَ مِنْ تَسَاؤُلَاتِ بَعْضِ الْأَصْدِقَاءِ وَهَمَسَاتِ بَعْضِهِمُ الآخَرَ، وَقَدْ اخْتَطَفَتْ عَائِدَةَ مِنْ بَيْنِ أَصْدِقَاءِهَا وَمَلَكَتْ عَلَيْهَا مُعْظَمَ وَقْتِهَا؟ دَخَلَتْ عَائِدَةُ ذَاتَ يَوْمٍ بَعْدَ الوَقْتِ وَاتَّجَهَتْ إِلَى مَقْعَدِهَا وَسَطَ وَشْوَشَاتِ الْأَطْفَالِ وَهَمَسَاتِهِمْ، اِقْتَرَبَ السَّيِّدُ جَاكْ" مِنْهَا وَقَدْ لَأَحَظَ عَلَامَاتِ الخَجَلِ مَرْسُومَةً عَلَى وَجْهِهَا، رَبَّتَ عَلَى كَتِفِهَا سَائِلاً: "مَا يَشْغَلُ بَالَ فَرَاشْتِنَا الجَمِيلَةِ؟" صَمَتَتْ عَائِدَةُ وَتَوَرَّدَ خَدَّاهَا حَهيَاءً، وَشَعْرَ الْمُرَبِّي بِمَا إِنْتَابَهَا مِنْ حَرَجٍ فَلَمْ يُبْدِ إِصْرَارًا عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الأمْرِ مِنْهَا وَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُوَاصِلَ السُّؤَالَ إِذْ قَرَّرَ اسْتِدْعَاءَ وَالِدِهَا السَّيْدِ " عَيَّادٌ" غَيْرَ أَنَّ الْأَبْ كَانَ يَجْهَلْ تَمَامًا أَمْرَ الحَافِظَةِ وَمَا تَحْتَوِيهِ، الَّتِي أَسَرَّتْ إِلَيْهِ: يَبْدُو أَنَّ الرِّسَالَةَ الأَخِيرَةَ الَّتِي تَسَلَّمَتْهَا مُنْذُ أَسَابِيعَ قَدْ أَثْرَتْ فيها. " وَفِي مَسَاءِ نَفْسِ الْيَوْمِ اطَّلَعَتِ العَائِلَةُ عَلَى الرِّسَالَةِ، وَمِنَ الْغَدِ افْتَحَ السَّيْدُ "جَاكَ" الحِصَّةَ قَائِلاً: "إِنَّنَا نَسْتَسْمِحُ اليَوْمَ عَائِدَةَ فِي أَنْ تُطْلِعَكُمْ عَلَى فِقْرَةٍ مِنْ رِسَالَةٍ تَلَقَّتْهَا مُنْذُ شَهْرٍ تَقْرِيبًا مِنْ ابْنَةِ عَمِّهَا خَدِيجَةَ". هَا إِنَّنِي أُهْدِي إِلَيْكِ أَفْضَلَ مَا يُمْكِنُ أَنْ أَهْدِيهِ. خَرِيطَةً صَغِيرَةً لِتُونِسَ وَإِنَّنِي أُعْرِفُ أَنَّكِ سَتُحَافِظِينَ عَلَيْهَا وَأَنَّهَا سَتَكُونُ صَدِيقَتَكَ الَّتِي لا تفارقك .