قلت لجدي: "أظنك لا تحب جارنا مسعود؟" فأجاب بعد أن حكّ طرف أنفه بسبّابته: "لأنه رجل خامل وأنا لا أحب الرجل الخامل". قلت له: "وما الرجل الخامل؟" فأطرق جدي بُرهةً ثم قال لي: "انظر إلى هذا الحقل الواسع. وانتهزت الصمت الذي نزل على جدي، كل ما أعرفه أنها مسرح أحلامي ومَرتع ساعات فراغي. بدأ جدي يواصل الحديث: "نعم يا بنيّ. كانت كلها قبل أربعين عاماً ملكاً لمسعود. فقد كنت أحسب الأرض مِلكاً لجدي منذ خلق الله الأرض. "ولم أكن أملك فدّاناً واحداً حين وطئت قدماي هذا البلد. لستُ أدري لماذا أحسست بخوف من كلمات جدي. ليت جدي لا يفعل! وتذكرت غناء مسعود وصوته الجميل وضحكته القوية التي تشبه صوت الماء المدلوق. جدي لم يكن يضحك أبداً. وسألت جدي "لماذا باع مسعود أرضه؟" – "النساء". وشعرت من نطق جدي للكلمة أن "النساء" شيء فظيع. "مسعود يا بنيَّ رجل مزواج كل مرة تزوج امرأة باع لي فدناً أو فدانين". وبسرعة حسبت في ذهني أن مسعود لابد أن تزوج تسعين امرأة، ورأيت عينه تلمع برهة ببريق شديد، وشدّني من يدي وذهبنا إلى حصاد تمر مسعود. ومرة صاح بالصبي الذي استوى فوق قمة النخلة،