بحث حول استعمال واثبات الحق مقدمة المبحث الأول :استعمال الحق المطلب الأول : تطور نظرية التعسف في استعمال الحق المطلب الثاني : التعسف في استعمال الحق وجزاءته المطلب الثالث : أساس التعسف في استعمال الحق المبحث الثاني : إثبات الحق المطلب الثاني :عبء الإثبات ومحله المطلب الثالث : طرق الإثبات الخاتمة مقدمة كما أن القانون يقيم أحيانا أخرى قرائن تعفي الشخص من الإثبات نهائيا أو تلقي عبء الإثبات على المدعي . فهل للشخص الحرية المطلقة في استعمال حقه أم هي محددة ومقيدة بحدود ؟ وهل القانون حدد هذه الحدود ؟ ومن الذي يجب أن يثبت حقه ؟ وبماذا يثبت ذلك الحق ؟ المبحث الأول : استعمال الحق المطلب الأول: تطور نظرية التعسف في استعمال الحق لقد لقيت نظرية التعسف في استعمال الحق رفضا من طرف أصحاب المذهب الفردي الذين كانوا لا يقبلون أن يرد على حق المالك في استعماله ملكه أي قيد إلا في حالة واحدة، وهي وجوب عدم مجاوزة المالك حدود حقه وقد كان هذا المذهب مسيطر على الفكر القانوني، وكان يرى أن استعمال الشخص لحقه يجب أن يكون مطلقا دون قيد، والحقيقة هي أن الصورة التي تقبلها هذا المذهب، وإذا استعملها الشخص يدخل في نطاق يمنع عليه دخوله أصلا فهنا يعتبر العمل خطأ يلزم التعويض، ففي بداية القرن 19 كان يعتبر الحقوق مطلقة ومن يعمل في حدود حقه لا يسأل مهما كان الضرر الذي يصيب الغير نتيجة ذلك فللشخص استعمال حقه كيفما شاء ولا يكون مسئولا عن الضرر الذي يلحقه للغير . وكان الفقيه بلاتيول يعارض نظرية التعسف في استعمال الحق بشدة ويرى أنها تتناقص مع مضمون الحق إذ متى كان لشخص حق فلا يتصور أن يتعسف فيه وقدرة جوسران على بلاتيول بقوله: " إنك تخلط بين كلمة حق التي تعني Droit subjectif وكلمةDroit التي تعني القانون إذ من المتصور أن يكون للشخص حق موافقا لحق من الحقوق Droit subjectif ومخالفا للقانون في المجموعة، فهو مشروع في ذاته وينقلب إلى فعل غير مشروع لانحراف في غرضه أو لأن نتيجته لا تتفق مع الغاية من الحق . وتطورت فيما بعد نظرية التعسف في استعمال الحق ولقيت تأييدا لدى الفقه والقضاء الفرنسيين عموما، فتطور وأصبح يعتبر الفعل تعسفا كلما ترتب عليه ضرر أصحاب الغير ولم تتوفر لصاحب الحق مصلحة من استعماله. بل اعتبروا الفعل تعسفا كلما تخلفت المصلحة لدى صاحب الحق، وتجاوز الحدود المألوفة المتعارف عليها واهم تطبيقات ذلك مضار الجوار، فلا يتحمل الجار ما جاوز الحد المألوف من مضار الجوار . &@ # المطلب الثاني : معايير التعسف في استعمال الحق وجزاؤه : يعتبر الشخص متعسفا في استعمال حقه إذا تحققت إحدى الصور التي نصت عليها المادة 41 مدني بما يلي "يعتبر استعمال الحق تعسفا في الأحوال التالية : -إذا وقع بقصد الإضرار بالغير. ويستخلص من هذا النص أن معيار التعسف في استعمال الحق، وإما أن يكون معيارا موضوعيا وهذا ما تضمنته الفقرتان الثانية والثالثة من نفس المادة كما يعتبر الضرر الفاحش الذي يلحق بالجار معيارا موضوعيا . أ/المعيار الشخصي : قصد الإضرار بالغير : ولكن إذا تم إثبات توافر قصد الأضرار بالغير أعتبر متعسفا في استعمال حقه و قصد الأضرار بالغير من أظهر صورة التعسف في استعمال الحق ، فالقانون لا يحمي شخصا قصد من فعله مجرد الإضرار بالغير، و لتحقق هذه الصورة يجب ألا يحقق العمل أية منفعة لصاحبه أو يحقق له منفعة تافهة و في كلتا الحالتين نستخلص نية الإضرار . ب/المعيار الموضوعي : إذا كان استعمال الحق يرمي إلى الحصول على فائدة قليلة بالنسبة إلى الضرر الناشئ للغير . وذلك بالنظر إلى أن هذه المصلحة لا تتناسب مع الضرر الذي يصيب الغير، إذ تكون الفائدة قليلة بالنسبة للضرر. و يحجب بذلك النور عن جاره، فيكون متعسفا في استعمال حقه لأن المصلحة التي يسعى إليها و هي الحصول على الرطوبة قليلة الأهمية بالنسبة للضرر الذي يصيب الغير- و هو عدم استعمال الشرفة – و في نفس السياق تنص المادة 708/2 على ما يلي: >النص العربي خاطئ في كلمة (قانوني) و صحتها (قوي) كما ورد في النص الفرنسي فذه الصورة تقوم على أساس عدم التوازن بين المصالح المتضاربة لصاحب الحق والغير فكلما كانت فائدة صاحب الحق أقل من الضرر الذي يصيب الغير أعتبر متعسفا في استعمال حقه ولو لم يكن عدم التوازن نتيجة قصد الإضرار بالغير . 2- عدم مشروعية المصلحة : وذلك كاستعمال مالك المنزل لمنزله لغرض مخالف للنظام العام أو الداب العامة. أو المؤجر الذي يطالب المستأجر بإخلاء العين المؤجرة بحجة حاجته للسكن فيها بعد إخفاقه في طلب زيادة الأجرة عما يسمح به القانون . وهناك من يرى أن هذا المعيار معيار شخصي لأن في هذه الصورة المصلحة غير المشروعة يتوفر فيها قصد الإضرار بالغير، إلا اني أرى أن القانون أقام التعسف في هذه الحالة على معيار موضوعي وهو عدم مشروعية المصلحة دون الاعتداد بنية المتعسف . وطبيعة العقارات وموقع كل منها بالنسبة إلى الآخرين والغرض الذي خصصت له " وتطبيقات الضرر الفاحش متعددة فيما يخص مضار الجوار إذ يعتد بالضرر الفاحش ولا ينظر إلى ينظر إلى مصلحة صاحب الحق حتى لو كانت جدية، فيجب الحد منها إذا لحق الغير ضررا فاحشا، في هذا الصدد تنص المادة 705 مدني على ما يلي: " للمالك إذا كانت له مصلحة جدية في تعلية الحائط المشترك ان يعليه بشرط ألا يلحق بشريكه ضررا بليغا…" 2) جزاء التعسف في استعمال الحق : إن جزاء التعسف في استعمال الحق قد يكون جزاء وقائي وذلك إذ ظهر التعسف في استعمال الحق بصفة واضحة قبل تمامه، فيمكن منع صاحب الحق من الاستعمال التعسفي لحقه. أما في حالة حدوث التعسف فعلا فإنه يحكم على المتعسف بالتعويض لصالح المضرور كما قد يلزم كذلك بإزالة الضرر ذاته كلما كان ذلك ممكنا . المطلب الثالث: أساس التعسف في استعمال الحق : ويذهب البعض الآخر من الفقهاء إلى إبعاد التعسف عن مجال الخطأ التقصيري إذ أن نطاق التعسف أوسع من ذلك لأنه إذا كان من الممكن إقامة الصورة الأولى الواردة في المادة 41 التي يعتبر فيها الشخص متعسفا في استعمال حقه قصد الإضرار بالغير، على أساس الخطأ فيهما بل يمكن إقامة التعسف فيهما على أساس موضوعي فقط ويمكن كذلك تطبيق نفس الفكرة على مضار الجوار غير المألوفة . بل يسأل الشخص عن الضرر الذي يلحقه بالجار ولو لم يكن مخطأ . وهذه الشريعة لا تقيم المسؤولية في حالة التعدي على أساس الخطأ بل تنظر إليها نظرة موضوعية … فيعتبر التعسف في استعمال الحق مستقلا عن نظام المسؤولية التقصيرية …. تؤدي إلى الفوضى وإلى مخالفة القانون لذا يجب تقييدها ومسائلة الشخص عنها إذا ترتب على هذه المبالغة في استعمال الحق ضررا للغير . المبحث الثاني : إثبــات الحــق :&@ # المطلب الأول : المذاهب المختلفة في الإثبات : الإثبات هو إقامة الدليل أمام القضاء، وقد يلزم القاضي بهذا الدليل كما يمكن يلتزم به، كما قد تترك الحرية للقاضي في التحري وذلك وفقا لاعتماد مذهب من المذاهب المختلفة في الإثبات ما يلي أتعرض لها بالتفصيل الآتي : فهو الذي عنها . ويعاب على هذا المذهب أنه يعطي سلطة واسعة وكبيرة للقاضي، مما قد يؤدي الإضرار بالمتقاضيين إذ يحتمل أن يتعرضوا لمفاجآت نتيجة اختلاف التقدير من إلى آخر ويقلل من الثقة في نظام الإثبات . فلا يستطيع المتقاضى إقامة الدليل على حقه بغير الوسيلة التي حددها القانون، ج-مذهب الإثبات المختلط :يأخذ هذا المذهب بالإثبات المقيد في مسائل معينة كالمسائل المدنية التي يتطلب المشرع إثباتها بالكتابة أما في المسائل المدنية التي تشترط الكتابة لإثباتها، أما المسائل التجارية فيأخذ فيها بنظام الإثبات المطلق نظرا لما تتطلبه هذه المسائل من سرعة في التعامل، إذ يصعب إقامة الدليل عليها كتابة فلا يمكن تقييدها بأدلة معينة، ويكون دور القاضي مقيدا وسلبيا كلما قيده القانون بأدلة معينة، كوجوب الاعتداء بالدليل الكتابي مثلا. 1-عبء الإثبات: نستطيع أن نوجز الحديث عن عبء الإثبات في النقاط التالية : -يقه عبء الإثبات على من يدعي وجود الحق ابتداء فمن يدعي إصابته بضرر من عمل غير مشروع يكون مكلفا بإثبات واقعة الفعل الضار بكافة الطرق، أو من الآلة، فالمسؤول عن الرعاية والحاسة في تلك الحالات، وكذلك المتبوع المسئول فرضا عن خطأ تابعه، في جميع هذه الأحوال لا يكلف المدعي بإثبات أوجه الخطأ في السلوك الضار وإنما يكفيه إثبات الضرر وارتباطه بالسلوك الضار دوريا يكلف بإثبات الخطأ في سلوك من قام بالفعل الضار. -في حالات الخطأ المفترض إذا أراد المدعي عليه بالتعويض المدعي أن ينفي مسئوليته عن الحادث الضار فعليه يقع إثبات العكس في المسئولية التقصيرية عن فعل الغير دائما -وإذا وجدت قرينة قانونية في حالات الخطأ واجب الإثبات وكانت مقررة لصالح أحد الخصوم فإنه يعفى من إثبات الواقعة المتعلقة بها وعلى الخصم الأخر يقع عبء إثبات عكس تلك القرينة القانونية . ومثال ذلك إذا قدم المستأجر مخالصة عن الوفاء بأجرة الشهر الرابع من هذا العام تعتبر قرينة قانونية على سداد الأجرة المستحقة من قبل عن العين المؤجرة له، ويعفى من إثبات الوفاء بالأجرة عن الشهور السابقة، وينتقل عبء الإثبات إلى المؤجر لكي يدلل على عدم الوفاء حتى يثبت العكس وهو أمر صعب دائما -بعض التشريعات ينص على القواعد الموضوعية للإثبات في صلب القانون المدني وينص على الشكلية للإثبات (الإجرائية) في قانون الإجراءات المدنية والتجارية (قانون المرافعات)… في حين يذهب بعض التشريعات إلى النص على قواعد الإثبات بنوعيها في قانون الإجراءات المدنية …. وتذهب التشريعات الأخرى إلى إصدار قانون مستقل للإثبات يجمع القواعد الموضوعية والإجرائية للإثبات معا . ويهمنا بأن نبيت ان التشريع الجزائري أخذ بالنظام الأول فنص على القواعد الشكلية في قانون الإجراءات المدنية . 2-محل الإثبات : يقصد بمحل الإثبات تلك الواقعة القانونية المنشئة للحق لأنها هي مصدر الحق وبإثبات المصدر يثبت نشوء الحق ووجوده وسوف نتكلم عن محل الإثبات في الواقعة المادية وفي التصرف القانوني . الواقعة المادية لقانون: سبق القول أن الواقعة المادية القانونية قد تكون من فعل الطبيعة وحدها ولا دخل للإنسان في إحداثها كالولادة وقد تكون الواقعة المادية قانونية أيضا يترتب عليها القانون أثار معينة وهي من عمل الإنسان كالعمل الضار وغير المشروع كالجريمة، وكلما كانت الواقعة المادية مصدر للحق المتنازع عليه كانت هذه الواقعة بالذات هي محل الإثبات أمام القضاء أي تكون هي ما ينبغي إقامة الدليل على إثباته حتى وجود الحق ويشترط في الواقعة المادية القانونية التي تكون محل للإثبات شروط هي : 1-أن تكون متعلقة بالدعوى : ومؤدي هذا الشرط أن تكون الواقعة المراد لها علاقة بالحق موضوع النزاع والبداهة لا لزوم لإثبات واقعة لا تتعلق بموضوع الحق المتنازع عليه أمام القضاء. 2-يجب أن تكون الواقعة منتجة في الإثبات : يقصد بهذا أن تكون الواقعة مقنعة للقاضيين ولو في أحد عناصرها، 3-أن تكون جائزة القيود: المقصود في الشرط أن تكون الواقعة المراد إثباتها على فرض صحتها وإمكان ثبوتها، ويجوز للمحكمة قبولها كدليل في الدعوى قضائية فلو تصورنا أن محل الحق المدعي به من الإثبات الخارجة عن دائرة التعامل ويحرم التعامل فيها كالنقد ، حتى تلك الوقائع المادية التي تكون بفعل الشخص ذاته في الأعمال الضارة وغير المشروعة كالجرائم وأشباه الجرائم بل وحتى في الجرائم العمدية، لأننا كما ذكرنا من قبل أنه حتى في الجرائم العمدية التي يرتكبها الجاني بإرادته الحرة ويتوافر لديه القصد الجاني ونية الإجرام تكون الجريمة ذاتها عمدية أي إرادية ولكن حق المجني عليه أو ذويه في التعويض عن الضرر الناشئ عنها ذلك الحق يرتبه القانون على فعله الضار دون أن يكون للمجرم إرادة للحقوق الناشئة ولهذا تعتبر الجرائم أعمالا غير مشروعة وتعتبر مصادر غير إرادية للحقوق الناشئة عنها في حين أن الجرائم عمدية كما قلنا فالعبرة بنشأة الحق رغم إرادة الملتزم به. والتصرفات القانونية باعتبارها مصادر إرادية للحقوق تختلف أيضا عن الواقع المادية من حيث الإثبات، وذلك لأن مصادر الحقوق هي العقود وهي من صنع الأشخاص مع توافر الإرادة الصحيحة للأشخاص وتلك الإرادات الحرة هي محور العقود المنشئة للحقوق. ولهذا نجد المشرع غالبا يستلزم لإثبات الحقوق العقدية دليلا معينا هو الإثبات بالكتابة بحسب الأصل كقاعدة عامة. ومعنى ذلك أنه يستثني من قاعدة إثبات الحقوق بالكتابة في العقود حالتان : المطلب الثالث: طريق الإثبات :&@ # وفي بعض الحالات تحدد الأدلة التي يجب تقديمها للقضاء في دعاوى معينة، وبوجه عام يمكن حصر أهم وسائل الإثبات أمام القضاء فيما يلي: 5- الإقرار (الإعتراف). 8- تقارير الخبراء. وسنتكلم بإيجاز عن كل وسيلة من وسائل الإثبات فيما يلي : أولا: الكــتابـة : تعتبر الكتابة من أهم طرق الإثبات في عهدها الحاضر ، و لقد مر بنا أن المادة 333 مدني جزائري تضمنت حكما مؤداه أنه في غير المسائل التجارية لا يجوز الإثبات إلا بالكتابة سواء لإثبات وجود الحق أو لإثبات الوفاء به انقضاءه لأي سبب آخر تجاوزت قيمة التعرف القانوني ألف دينار جزائري أو كانت القيمة غير محددة . و كذلك في المعاملات التجارية عامة مهما كان حجمها أو قيمتها، فالإثبات جائز و يكون مقبولا أمام القضاء بكافة و سائله بغير الكتابة، و الكتابة نوعان كتابة رسمية و كتابة عرفية . فالكتابة الرسمية يقصد بها ما تكون من عمل موظف رسمي مختص كما هو الحال في عقود الرهن الرسمي. أما الكتابة العرفية فهي التي يقوم بها الأفراد فيما بينهم دون تدخل موظف رسمي و لكل من النوعين حجية خاصة كدليل للإثبات بحسب نصوص القانون . الأقوال التي يدلى بها الأشخاص في ساحات القضاء بشأن إثبات أو نفي واقعة قانونية أيا كان نوعها . و لهذا نقول بأن الشهود نوعان، و للمحكمة أن تستمع إلى الشهود دائما سواء كانوا للنفي أو للإثبات لكي تتجلى الحقيقية . و تقبل شهادة الشهود كدليل إثبات في المواد التجارية عموما ، ما لم يوجد نص قانوني بخلاف ذلك . ولكن الشهادات أي البيانات أيا كان نوعها و أيا كان الأشخاص الذين يؤدون الشهادة لا تكون ملزمة للقاضي بل تخضع لتقديره. في نفس الدعوى و نفس الموضوع . ومن أمثلتها قرينة الوفاء بالأقساط السابقة عند ثبوت الوفاء بقسط الأجرة اللاحق وعلى ذلك نصت المادة 449 مدني بقولها: وتفسير ذلك أنه في دعوى المطالبة بإيجار المعين إذا قدم المستأجر ما يفيد قيامه بسداد الإيجار عن الشهر الرابع من العام الحالي مثلا يعتبر ذلك قرينة على سداد جميع الأقساط السابقة على ذلك التاريخ، وعلى المؤجر ان يثبت العكس إذا أراد أي أنه يصبح الملزم بالإثبات. أما القرائن القضائية فيقصد بها كل ما يستخلصه القاضي من أمر معلوم للدلالة على أمر مجهول فهي أدلة استنتاجية، ولهذا يجوز للطرف الآخر أن يثبت العكس إذا مكنه من ذلك . رابعا: حجية الشيء المقضي به : الحكم النهائي الفاصل في موضوع الدعوى يعتبر عنوانا للحقيقة والعدالة في نفس الوقت. بل هو السبب الطبيعي والعادي لانتهاء الدعاوى، ويمكن الاحتجاج بالحكم القضائي النهائي كدليل على صحة ما جاء فيه واستخدام هذا الحكم كدليل للإثبات في دعوى قضائية أخرى لحسم نزاع يتصل بالنزاع الذي فصل فيه نهائيا . والإقرار دليل قاطع في الإثبات، اما في المواد الجنائية فقد نصت المادة 213 إجراءات جزائية على ما يأتي " الاعتراف شأنه كشأن جميع عناصر الإثبات يترك لحرية تقدير القاضي" . اما إذا كان الاعتراف لا يشوبه عيب فإنه يعتبر دليلا متميزا في الإثبات القضائي . والخصوم أيضا قد يؤدون اليمين كوسيلة من وسائل الإثبات مع ملاحظة أن اليمين نوعان: اليمين المتممة ، واليمين المتممة هي التي يوجهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أي أطراف الخصومة في الدعوى بغرض اتمام اقتناعه بقرينة معينة، لأن القاضي له أن يأخذ بها وله ان يلتفت عنها حتى بعد قيام الخصم بحلف اليمين. ومن المعلوم ان للخصم ان يحلف اليمين المتممة إذا طلبها القاضي وله أن يمتنع عن أداء اليمين، حيث لا يتقرر حتما بأدائها أو النكول عنها حسم النزاع إيجابيا أو سلبيا. ويطلب منه ان يقسم على صحة ما يدعي به عليه أو عدم صحته، حيث يعتبر ذلك دليل إثبات على صحة ما ادعاه. وفي المواد الجنائية لا يحلف المدعي المدني اليمين، مع أنه في حالة عدم ادعائه مدنيا يعتبر شاهد الإثبات الأول في الدعوى العمومية ويحلف اليمين باعتباره شاهدا . سابعا: المعـايـنة : يقصد بالمعاينة الانتقال إلى مكان النزاع لمشاهدته على الطبيعة بقصد التوصل إلى معرفة الحقيقة والفصل في الدعوى على ضوء نتيجة المعاينة. وقد تنتقل المحكمة بهيئتها القضائية لإجراء المعاينة إذا كانت هناك مبررات وذلك لاستجلاء الملابسات الغامضة في موضوع النزاع، وأنه يجوز للقاضي ان يستصحب من يختاره من أهل الخبرة للاستعانة به عند إجراء المعاينة والاسترشاد بخبرته الفنية في موضوع النزاع. كما أجاز المشرع للقاضي أثناء إجراء المعاينة ان يسمع الشهود الذين يرى لزوما لسماع شهاداتهم بعين المكان. على ان يودع هذا المحضر بملف الدعوى. لإجراء الفحص والبحث والتحليل في الدعاوى التي تثار فيها مشاكل تقنية مثل مضاهاة الخطوط عند الادعاء بتزوير المحررات وتكون لتقارير أولئك الخبراء أهمية قانونية كقرائن او أدلة في الإثبات القضائي. وقد نظم المشرع في قانون الإجراءات المدنية قواعد الاستعانة بالخبراء أمام المحاكم وأجاز للقاضي أن يستعين بخبير أو بعدد من الخبراء لاجراء أعمال الخبرة في الدعوى المطروحة عليه،