مقدمة: شهدت مجالات الكهرباء تطوراً هائلاً بفضل الأبحاث العلمية، مُنشئةً تخصص الهندسة الكهربائية والإلكترونية. سنتناول تاريخ تطور الكهرباء بفروعها (هندسة القوى، هندسة الإلكترونيات والاتصالات، وهندسة الحاسبات). شهد القرن العشرون تطوراً مذهلاً في الإلكترونيات: الصمامات المفرغة، ثم الترانزيستور، ثم الدوائر المتكاملة، مُسارعةً تطور الحاسب الآلي. تاريخ تطور الهندسة الكهربائية: بدأت علاقة الإنسان بالكهرباء بالبرق، ثم لاحظ الإغريق ظاهرة جذب الكهرمان للريش بعد تدليكه بالصوف. اكتشف الرومان حجارة تجذب الحديد (المغناطيس) وسمكاً يُسبب صدمات كهربائية. في القرن السادس عشر، درس "وليم جلبرت" الجذب المغناطيسي واكتشف مواد كهربائية أخرى، مُشتقاً اسم "الكهرباء" من الكلمة اليونانية لكهرمان. لم يدرك جلبرت أن الكهرباء تتولد من الاحتكاك. ابتكر "فون جيوريك" أول آلة لتوليد الكهرباء (كرة كبريت تدور)، ولاحظ "ستيفين جراي" نقل التأثيرات الكهربية عبر خيوط، مُصنفاً المواد إلى موصلات وعوازل. "هوكسبي" استبدل الكرة الكبريتية بزجاجية، مُنتجاً ضوءاً ساطعاً. "مشنبروك" اخترع وعاء ليدن (المكثف). درس "بنيامين فرانكلين" الكهرباء نظرياً، مُميزاً بين كهرباء موجبة وسالبة، واصفاً إياها بشيء متحرك خلال المادة. أثبت أن شحنة وعاء ليدن هي قوة كامنة، مُمهداً لاكتشاف موجات الراديو. اخترع فرانكلين البطارية بتوصيل أوعية ليدن، وصور الكهرباء كتيار من جسيمات دقيقة، وصمم فرشاة تفريغ، واخترع مانعة الصواعق. درس "لويجي جلفاني" تأثير الكهرباء على الكائنات الحية، مُلاحظاً تقلص عضلات ضفدعة عند استثارة أعصابها. "فولتا" أثبت أن تلامس معدنين مختلفين يُولّد تياراً كهربياً، مُخترعاً البطارية الكهربائية. "دافي" درس خصائص أكسيد النيتروز (التخدير)، وحلّل كربونات الصوديوم والبوتاسيوم، مُكتشفاً القوس الكهربي وأفران القوس الكهربي، ووجد علاقة بين الكهرباء والمادة، مُستخدمًا التحليل الكهربي لتحديد مواقع المعادن. اكتشف "أورستد" أن التيار الكهربي يُحرف الإبرة المغناطيسية، مُمهداً لاختراع المحرك الكهربي بواسطة "مايكل فراداي". أثبت فراداي توليد الكهرباء من دوران مغناطيس داخل ملف، ودرس مرور التيار في السوائل، مُكتشفاً التحليل الكهربي، والأيونات، والعلاقة بين كمية العنصر المترسب والتيار. أبحاث فراداي في الغازات أدت لاكتشاف أشعة المهبط، وموجات الراديو (هيرتز)، والأشعة السينية (روتنجن). "طومسون" جعل الغازات موصلة في أنابيب مفرغة. شخصيات: "أديسون" اخترع المصباح الكهربائي، وصمامات الراديو، وهوائياً لاسلكياً، وجهاز تسجيل صحفي (مُمهّد للجراموفون)، ونظام التلغراف الرباعي، والتلغراف الكاتب. "جاوس" صمم نظام تلغراف طوره "هنري". "كوك" صمم نظام برق عام، و"مورس" اخترع جهاز برق تسجيلي ونظام شفرات. "جراهام بل" اخترع التليفون الذي طوره أديسون. "فلمنج" اخترع صمامات الراديو، و"فورست" اخترع الشبكة المعدنية في صمامات الراديو. تطورت استخدامات الميكا والأسلاك المعزولة والمولدات الكهربية والنظام الثلاثي الوجه. أديسون سجل أكثر من ألف اختراع. الكهرباء في مصر: بدأ استخدام الكهرباء في القاهرة عام 1892م (شركة ليون البلجيكية)، ثم الإسكندرية، ثم شبكة كهربائية للصرف الزراعي. عام 1895م، أنشئت محطات توليد كهرباء في القاهرة والإسكندرية وبعض المحافظات. أنشئت شركة ترام القاهرة عام 1897م، وكُهرب خط ترام الرمل عام 1904م. بدأ إضاءة الشوارع عام 1914م، وانتهت كهربة شوارع القاهرة عام 1926م. استُخدمت قناطر نجع حمادي (1930م) وخزان أسوان (1945م) لتوليد الكهرباء. الكهرباء في مصر بعد ثورة 1952م: اهتمت الدولة بقطاع الكهرباء، مُنشئةً محطات توليد وشبكات نقل. تميزت السنوات (1952-1962) بإنشاء السد العالي ومحطة توليد الكهرباء، والشبكة الكهربية الموحدة. في عام 1952م، كان أقصى حمل كهربي 110 ميجاوات، و الاستهلاك 929 مليون كيلووات/ساعة. في عام 1962م، زاد إلى 548 ميجاوات و 3000 مليون كيلووات/ساعة. أنشئت محطات كهرباء شمال القاهرة (1952م)، وجنوب القاهرة (1957م)، والتبين (1958م)، وطلخا (1955-1956م)، ودمنهور (1960م)، والسيوف (1960م)، وأسوان الأولى (1960-1961م). الفترة (1962-1972م): أنشئت محطة السد العالي والشبكة القومية الموحدة (1967م) التي ربطت محطات التوليد، بتكلفة 312 مليون جنيه مصري. تنتج محطة السد العالي 10 مليار كيلووات ساعة سنوياً. ربطت جميع محطات التوليد بالشبكة الموحدة عام 1972م، مُحسّنةً كفاءة استخدام الطاقة وتقليل الأعطال. أنشئ نظام تحكم مركزي في القاهرة و مراكز إقليمية أخرى. تطور الحاسبات الآلية: بدأ التفكير في تصنيع الحاسبات خلال الحرب العالمية الثانية. صنع "كوفراد زيوس" حاسباً لتصميم الطائرات (1941م)، و"هوارد أيكن" حاسبة إلكترونية (1944م). أربع مراحل لتطور الحاسبات: الجيل الأول (1945-1956م): أنياك (صمامات مفرغة)، وإيفاك (تخزين بيانات). يونيفاك (1951م). الجيل الثاني (1956-1960م): استخدام الترانزيستور، وحاسبات IBM. الجيل الثالث (1960-1971م): تحسين وحدة التحكم وسرعة العمليات وسعة التخزين. الجيل الرابع (1971م حتى الآن): أشباه الموصلات، والرقائق الإلكترونية، والمعالجات الدقيقة، والحاسبات الشخصية، والحاسبات المحمولة، وحاسبات الجيب.