بصدور حكم الإفلاس تنتظم علاقة المفلس بدائنيه في إطار التفليسة ويتم حصر عناصر المشروع المفلس ليتبين مدى إمكانية استمراره أو على العكس توجيه الإجراءات نحو تصفية أموال المفلس ويرتب حكم الإفلاس أثارا تتعلق بالمفلس من جهة وبالدائنين من جهة أخرى وهي نتائج حتمية للإفلاس إذ لا تنظم التفليسة إلا بها ولا يتسع إتخاذ إجراءاتها وإنهائها دون ترتيب هذه الآثار وستعرض الآثار الإفلاس بالنسبة للمدين وبالنسبة للدائنين وبالنسبة للتصرفات التي يقوم بها المدين خلال فترة الريبة. أثار الإفلاس بالنسبة للمدين تترتب على المدين المفلس عدة أثار تتعلق إما بذمته المالية فتغل يده عن كل تصرفاته وأمواله والأفعال الضارة والدعاوى المتعلقة بذمته المالية وإما أثار تتعلق بشخصه تكون إما في مصلحته وإما في غير مصلحته الآثار المتعلقة بذمة المدين المالية بعد صدور حكم شهر الإفلاس تغل يد المدين عن إدارة أمواله ويتحدد مدى غل يده بمصلحة دائنيه فلا يخرج عن نطاق على اليد إلا في حالات معينة غل يد المدين م 244 ق ت ج حيت تنص على أن أثر غل اليد يسري فور صدور الحكم ومن تاريخه حيث يتخلى المفلس عن إدارة أمواله أو التصرف فيها بما فيها الأموال التي قد تؤول إليه أثناء شهر الإفلاس مهما كان سبب اكتسابها ويحل محله في ذلك الوكيل المتصرف القضائي وذلك خشية أن تسوء نية المفلس فيعمد إلى الإضرار بحقوق دائنيه عن طريق تبذيره لأمواله أو نقلها للغير بدون مقابل أو بمقابل بخس وينقص بذلك من الضمان العام المقرر على أمواله لصالح دائنيه كما قد يلجأ إلى تفضيل دائن على آخر كأن يوفي له بما لديه من ديون وبالتالي يخل بمبدأ المساواة بين الدائنين أما من حيث الطبيعة القانونية لغل اليد فإن شهر الإفلاس لا يؤدي إلى نزع ملكية أموال المفلس إذ يظل المفلس ملكا لها ولا تنتقل الملكية إلى الدائنين وعلى ذلك فإن غل اليد لا يعد من قبيل نزع الملكية أو المصادرة فهو يعتبر بمثابة منع من التصرف المصلحة جماعة الدائنين وهناك من يسميها بالحجز الشامل على أموال المدين فبعد صدور الحكم بالإفلاس نكون أمام حجز شامل لأمواله بحيث لا يجوز له إدارتها أو التصرف فيها ما يدخل في نطاق قاعدة غل اليد يخضع لقاعدة غل يد المدين تصرفاته القانونية، وتتمثل هذه التصرفات فيما يلي لا يجوز للمفلس إجراء أي عمل قانوني، كالبيع أو الهبة أو الإيجار أو تحرير أوراق تجارية أو إبرام أي عقود يترتب عليها ديون تجارية، كما لا يجوز للمفلس الوفاء بما عليه من دين أو استيفاء ماله من حقوق ويحل محله في ذلك الوكيل المتصرف القضائي لحساب جماعة الدائنين والتصرفات التي يجريها المفلس، بعد الإفلاس تعتبر صحيحة غير أنها ليست نافذة تجاه جماعة الدائنين، لا يمكن للمدين المشهر إفلاسه، أن يرفع أية دعوى قضائية ولا يمارس أي طريق من طرق الطعن تتعلق بذمته المالية، على أساس أنه ممثل من طرف الوكيل المتصرف القضائي، إلا أنه يجوز له التدخل في الدعاوى التي يخاصم فيها الوكيل المتصرف القضائي، لما كانت أموال المدين جميعها ضامنة للوفاء بديونه، فإن غل اليد يشمل جميع الأموال الحاضرة التي تكون ملكا للمفلس في يوم صدور حكم شهر الإفلاس، وسواء أكانت متعلقة بتجارته أم لا، ويشمل على اليد أيضا، جميع الأموال التي قد يكتسبها المفلس بعد شهر إفلاسه، سواء أكان ذلك عن طريق الميراث أو الهبة أو الوصية، أو عن طريق أخر كالتعويضات التي قد يحكم بها للمفلس، بسبب حادث وقع له ومبالغ التأمين المستحقة للمفلس تنفيذا لعقد تأمين أبرمه قبل شهر الإفلاس وبالرغم من أن شهر الإفلاس يرتب عدم جواز المقاصة القانونية والقضائية والاتفاقية، بين دين على المفلس وحق له، ذلك أن المقاصة طريق من طرق الوفاء بالدين، إلا أنه خروجا عن الأصل تجوز المقاصة القانونية بين دين على المفلس وحق له، إذا كان هناك ارتباط وتلازم بين الدينين دين المدين وحقه لدى دائنه، ويعتبر التلازم قائما بين الدين والحق، رابعا : الأعمال الضارة توجب القواعد العامة، مسؤولية مرتكب الأفعال الضارة عن تعويض الأضرار التي تصيب الغير بسبب أفعاله، فإذا ارتكب المفلس بعد إشهار إفلاسه فعلا ضارا يستوجب المسؤولية جاز للمضار أن يطالبه بالتعويض عن الضرر الذي لحقه وفقا للقواعد العامة، ولكن السؤال المثار هل يستطيع المضار أن يشترك مع جماعة الدائنين، في قسمة الغرماء بالتعويض الذي يحكم له به؟ أم أن هذا التعويض لا يحتج به على جماعة الدائنين، إشهار الإفلاس إذا ارتكب المفلس عملا ضارا بعد شهر الإفلاس وحكم للمضرور بالتعويض، فلا يجوز لهذا الأخير التقدم في التفليسة بمبلغ التعويض المحكوم له به أما إذا صدر العمل الضار قبل شهر إفلاسه، وصدر حكم بالتعويض بعده، فإن للمضرور في هذه الحالة التقدم في التفليسة بمبلغ التعويض، خامسا: بالنسبة لحق التقاضي تقضي الفقرة الأخيرة من المادة 244 ق ت على أنه : . حقوق ودعاوى المفلس المتعلقة بذمته طيلة مدة التفليسة يتضح من نص المادة، أنه لمجرد صدور الحكم بشهر الإفلاس يصبح المدين المفلس غير أهل للتقاضي بنفسه في أي دعوى تخص أمواله، مادام في حالة إفلاس فكل دعوى ترفع عليه أو منه ومتعلقة بأمواله يتولاها عنه الوكيل المتصرف القضائي، وذلك حماية لحقوق الدائنين المتعلقة بهذه الأموال، بحيث لو ترك للمدين حق التقاضي بشأنها فقد يلجأ إلى القيام بتصرفات من شأنها أن تضر بالدائنين، كلجونه مثلا إلى تزوير بعض الوثائق المتعلقة بديونه ولكن بالرغم من منع المفلس من التقاضي، فقد أجازت المادة 244 ق ت ج للمحكمة أن تأذن له بالتدخل في الدعاوى التي ترفع على التفليسة، بمعنى كل الدعاوى التي يكون فيها مركز الوكيل المتصرف القضائي، الفرع الثاني: ما يخرج عن نطاق غل اليد يتضمن غل اليد رغم نطاقه الواسع استثناءات تتعلق ببعض التصرفات والإجراءات، المدين من مباشرة هذه الإجراءات والأعمال لوحده. يمكن للمدين وطبقا للمادة 273 ق ت ج القيام بكافة الأعمال والإجراءات التحفظية، لصيانة حقوقه لأن هذا الأمر لا يضر بجماعة الدائنين بقدر ما يوفر لهم من صيانة وحماية لحقوقهم من هذه الإجراءات توقيع الحجوز التحفظية، والحجز لدى الغير، وإجراءات تحرير الاحتجاج في الأوراق التجارية، وتبليغ الاحكام الصادرة لمصلحته، حتى يبدأ ميعاد الطعن فيها كما أجاز له القضاء واستئناف الأحكام الصادرة ضده، ثانيا : أموال الغير الموجودة في حيازة المدين قد توجد تحت يد المدين أموالا مملوكة للغير، كوديعة مثلا أو قد يكون وصيا على قاصر أو موكلا لبيعها، ثالثا: الحقوق المتعلقة بشخص المدين لا تسر قاعدة على اليد على الحقوق المتعلقة بشخص المدين، مثل دعوى التعويض عن الضرر الذي لحق به نتيجة لجريمة وقعت عليه، وكذلك لا تسري القاعدة على الدعاوى المتعلقة بأحوال المدين الشخصية، مثل الدعاوى المترتبة على عقد الزواج أو الطلاق، والدعاوى الخاصة بالنسب. رابعا: الأموال غير القابلة للحجز : هناك أموال لا يشملها الحجز، خامسا: النفقة المقررة له ولعائلته خصصت المادة 242 من ق ت ج نفقة للمفلس ولأسرته، تستخرج من أمواله الخاضعة للحجز فإذا استخرجت للمفلس نفقة من هذه الأموال فله كامل الحرية، في التصرف فيها، وكذا إدارتها دون أن يكون للوكيل المتصرف القضائي، المطلب الثالث: الأثار المتعلقة بشخصه يرتب الحكم بشهر الإفلاس، إلى جانب الآثار المتعلقة بالذمة المالية للمدين المفلس، رعاية من المشرع للظروف المعيشية للمدين المفلس، أولا: تقرير إعانة له ولأسرته تقضي المادة 1/242 ق ت بأن للمدين أن يحصل لأسرته على معونة من الأصول، التي يحددها القاضي المنتدب بأمر بناءا على اقتراح الوكيل المتصرف القضائي، ويراعي في تقرير هذه الإعانة مركز المدين الاجتماعي، وأسلوب معيشته وعدد أفراد أسرته، ويجوز الزوجة المفلس أ أبنائه الطعن فيها في حال كانت قيمتها ضئيلة، وتستخرج هذه الإعانة في صورة مبلغ يمنح للمفلس وأفراد عائلته على دفعة احدة، أو على دفعات شهرية أو أسبوعية، بحسب ما يقرره القاضي المنتدب فإذا لم توجد نقود كافية لأداء المعونة، وجب بيع بعض الأموال للحصول على النقود اللازمة، وإذا انتهت التفليسة بالتسوية القضائية، وجب إيقاف النفقة إذ يعود المفلس بالتسوية القضائية إلى إدارة أمواله، ويصبح قادرا على كسب معيشته، وقد جعل المشرع تقرير هذه الإعانة جوازية للقاضي، يقررها وفقا لظروف التفليسة ومدى حسن نية المفلس، وبعد سماع أقوال الوكيل المتصرف القضائي، الذي تكون لديه من المعلومات المالية عن حالة المدين ما يمكن القاضي من تقرير الإعانة وقدرها، المحكوم عليه بالإفلاس أم المستفيد من نظام التسوية القضائية؟ من خلال النص الحرفي للمادة 242 ق ت نجد أن المشرع الجزائري، لم يميز بين الشخص المفلس والمستفيد من التسوية القضائية، وعليه هناك من يرى أن تقرير المعونة لازم لكليهما مادام المشرع لم يحدد صفة المستفيد، غير أن هناك دلائل أخرى توحي بأن المعونة هي من حق التاجر المفلس فقط لا غير، ولا أدل على ذلك من ورود نص المادة في الفصل الخاص بأثار الحكم بشهر الإفلاس والتسوية القضائية، في قسم الآثار المتعلقة بالمدين، والعلة في هذا الطرح أن المستفيد من التسوية القضائية، ثانيا : الإذن باستخدام المفلس تقضي الفقرة 02 من المادة 242 ق ت ج على أنه يجوز الإذن باستخدامه تسهيلا للتيسير في حالة الإفلاس، بأمر من القاضي المنتدب، ويجوز للوكيل المتصرف القضائي الطلب من القاضي المنتدب بالسماح للمدين المفلس، ثالثا : تقرير الصلح بين المفلس ودائنيه تقضي المادة 317 ق ت ج على أنه في حالة قبول المدين في التسوية القضائية، يقوم القاضي المنتدب باستدعاء الدائنين المقبولة ديونهم، وذلك لغرض إنشاء عقد صلح بينهم، وبين المدين ويتم الصلح بالاتفاق بين المدين والدائنين الذين قبلت ديونهم نهائيا ووقتيا، مع توفير شرط الأغلبية العددية، من هؤلاء " أغلبية الدائنين 2/3 الديون وإذا تم الاتفاق على الصلح، والمصادقة عليه من قبل المحكمة وأصبح الحكم حائز لقوة الشيء المقضي فيه تتوقف مهام الوكيل المتصرف القضائي، الفرع الثاني: الآثار التي في غير صالحه أولا: إسقاط بعض الحقوق السياسية والمدنية عنه: لابد لتقرير العقوبات الجنائية من اقتران الإفلاس بأفعال تنطوي على تقصير أو تدليس من جانب المفلس، فإن أكثر المشرعين لم يستطيعوا التخلص من كل أثار النظرة الأولى للإفلاس التي كانت تجعل منه جريمة، في كل الأحوال ولهذا لم يقنعوا بتوقيع العقوبات على المفلس المقصر أو المدلس، بل قرروا أيضا إسقاط بعض الحقوق السياسية والمهنية عنه، ولو كان حسن النية سيء الحظ لا دخل لإرادته في وقوع الإفلاس، بأن كان نتيجة عوامل لم تكن في حسبانه وقد نص المشرع الجزائري في المادتين 370، 374 على الأفعال التي يمكن أن يرتكبها المدين، وتؤدي إلى إفلاسه وإدانته بالتفليس بالتقصير أو التدليس، ثانيا : تقييد حرية المفلس لم يشر المشرع التجاري الجزائري، في نصوصه إلى تقييد حرية المفلس بعكس التشريعات المقارنة فلا يتم حبس المفلس إلا إذا ثبتت إدانته بالإفلاس بالتقصير أو بالتدليس، مع أنه يبقى من الافضل تقييد حرية المفلس وذلك بوضع رقابة عليه، أو إيداعه الحبس المؤقت أو أي شيء آخر بغية تجنب أي تحايل أو تجاوز قد يقوم به المفلس، كتهريب بعض أمواله أو الفرار قبل إتمام إجراءات التفليسة، ثالثا : التشهير بالمفلس يترتب على الإفلاس أثر مهم وهو إدراج أسماء التجار، الذين أشهر إفلاسهم ولم يستعيدوا اعتبارهم في جدول يلصق على باب كل محكمة، ليكون الغير على حذر، في تعامله مع المفلس وهذا الإجراء نوع من العقوبات التي توقع على المفلس.