الوضعيون المناطقة ينكرون أصلا وجود و أحكام أخلاقية ، بل ليقرروا انه ليس ثمة ) قضايا أخلاقية ، أصلا ! والحق أن الفلسفة الأخلاقية التقليدية فيما يقول كارناب - لا تنطوى على أى بحث في الوقائع ، ولو أننا نظرنا إلى ( العبارات الأخلاقية ) على أنها و قضايا ) ، لكان علينا أن نقول إننا هنا بإزاء ( قضايا زائفة ) لا تعبر عن أى شيء قابل للتحقق تجريبيا . فالعبارة الأخلاقية التي تقول - مثلا - و إن القتل جريمة ، وعلى حين أن الأوامر لا يمكن أن تعد صادقة أو كاذبة ، نجد أن فلاسفة الأخلاق قد توهموا أن أحكام القيمة هى قضايا حقيقية ، فراحوا يجهدون أنفسهم بالبرهنة على صدقها أو كذبها . وفات هؤلاء أن أى ( حكم قيمة ) لا يزيد عن كونه وصية أو ( أمرا ) مستترا خلف صيغة لغوية خداعة ! ومعنى هذا أن العبارات الأخلاقية لا تقرر شيئا ، فلا سبيل إذن إلى تقديم أى برهان إثبات أو برهان نفى ، إن على صحتها أم على كذبها (۱) . ويمضى فلاسفة الوضعية المنطقية إلى حد أبعد من ذلك فيقولون إن الأحكام الأخلاقية ) هي مجرد تعبيرات عن بعض العواطف أو الانفعالات . فليس لقضايا الأخلاق أى معنى نظرى أو عرفاني ، بل هي أوامر أو وصايا عامرة بالشحنات الوجدانية أو العاطفية ويضرب لنا آير مثلا لذلك فيقول : [ إننى حينما أقول لأحدهم : ( إنك قد أخطأت حين سرقت هذا المال ) ، . وحين أضفت إلى ذلك أن هذا الفعل خاطئ ، بل كل ما هنالك أنني قد أظهرت بوضوح استهجاني له . الاستهجان أو الاستنكار ، ولأنهم يلاحظون من جهة أخرى أنها تستخدم ( مفاهيم ) غامضة لا تقبل التحليل ، ولا يمكن ردها إلى عناصر تقبل الملاحظة المباشرة .