ولد عمر التيسير في أحد دواوير تمنار، واجه الفتى قسوة الحياة وقسوة الطبيعة أيضا، وتسلح بالتحدي وقرر القفز فوق كل الحواجز الطبيعية والبشرية، استعان بهما لاختراق عالم رجال الأعمال من خم الدجاج. أعفى من خلالها نساء دواوير تمنار من التنقل إلى السوق، لكن الفتى كانت عملته «الكلمة» فأسس علاقة ثقة مع محيطه، ومزودا رئيسا لأسواق تمنار وسميمو بهذه المادة الغذائية. يرجع أصل لقب «نص بلاصة» الذي التصق بالتيسير، إلى إصراره على التنقل في حافلات نقل المسافرين التي تربط بين مراكز المنطقة، انقطع عمر عن جولاته بين الدواوير، فراودته فكرة جمع الحجارة بدل البيض، يقول أحد أفراد عائلته إن شركة فرنسية كانت بصدد بناء طريق يربط المنطقة بأكادير، وكانت تحتاج إلى كمية من الحجارة المكسرة، قفزت إلى ذهن عمر فكرة جهنمية، فجمع حوله شباب الدواوير وشرح لهم المشروع المدر للدخل، لتبدأ أولى خطوة في مسار الألف ميل، تعرض عمر التيسير لحادث عرضي حين التوت قدمه وهو يهم بصعود سلم مكتبه، هوى الرجل من الأعلى إلى الأسفل وارتطم رأسه بدرج، ليتم نقله على وجه السرعة إلى إحدى مصحات الدار البيضاء، حينها تقرر نقله إلى مستشفى «لاتيمون» في مارسيليا بتوصية من أحد الأطباء، استأجر مجلس الأسرة طائرة خاصة أقلت الأب المغمى عليه إلى مدينة مارسيليا، هناك خضع لعملية جراحية على يد اختصاصيين في جراحة الدماغ، ظل صهره حريصا على مرافقته في أصعب وضعية صحية عاشها، لتنهي أسطورة رجل عصامي تحول إلى أحد بناة مغرب ما بعد الاستقلال. وحين عاد أبناؤه إلى البيت لتلقي التعازي، أجمعوا على الاستمرار في مسار الألف ميل الذي لم يكتب للأب إنهاؤه. وحين انفض المعزون عقد الأبناء اجتماعا طارئا حضره بعض المقربين من أمثال الصويري وبوفتاس، ليعهد لرشيد باستكمال المسار، كان عمر بصدد الاستعداد للاستقرار في مدينة مراكش، تيسرت الأمور لمقاولة لطفي المتخصصة في بناء الطرق، فكان آخر قرار يتخذه الرجل قبل وفاته في الحادثة الشهيرة. ورغم أنها الأصغر من بين أبناء عمر، فإن أمينة ظلت تناضل من أجل استمرار صرح عائلة التيسير، وهي زوجة عمر الصويري، نجل المرحوم عبد الله الصويري الذي قاد قطاع التجارة والصناعة والفلاحة والخدمات لسنوات، تتصدى لكل من يحاول وضع خاتمة الإفلاس في «جنيريك» قصة عمر «نص بلاصة»، تنتابها بين الفينة والأخرى حالة غضب كلما رسمت بعض الأقلام لنهاية والدها سيناريو مخالفا لواقع الحال.