وكتابات أبن المقفع . ولارتباطها بالتاريخ العام وأشخاص الملوك ومن عمل لهم، ويقول القنطى : " إن أبن المقفع هو أول من أعتنى في المالة الإسلامية بترجمة الكتب المنطقية لأبي جعفر المنصور . وهو أقدم من القفطى لا يذكر هذه الكتب في آثار ابن المقفع، وإنما يشير إلى أنه قد كتب مختصرا لكتاب قاطيغوراس . ولكن القفطى لا يقف عند النقل عن ابن النديم، فقد ينقل عن غيره كذلك ، فليس يبعد أن يكون أبن المقفع قد ترجم هذه الكتب إلى العربية ، وإن كان بعض الناس ممن لم يمدوا بصرهم إلى عهد النقل فيما وراء المأمون لا يكادون يتصورون ذلك وفي أبن النديم ما يقوى ذلك، إذ يقول : " وقد كانت الفرس نقلت في القديم شيئا من كتب المنطق والطب (۲) إلى اللغة الفارسية، فنقل ذلك إلى العربي عبد الله بن المقفع وغيره . أما أن يكون ذلك منقولا عن الفارسية فقد سلف قولى فيه . والأولى أنها كانت ملخصة عن السريانية وأن هذه الكتب كانت منقولة اليها ، وإذا كانت قد تركت أثرها قبل ذلك وهى فى السريانية على طبقة المثقفين الذين كانوا يفقهون هذه اللغة، فإن هذا الأثر قد اتسع بنقلها إلى العربية التي يفهمها الناس جميعا، فقد كان موجودا قبل ذلك في السريانية، ولما نقل إلى العربية نقل إليها بعد ذلك في زمن متأخر نسبيا، " نقله أبو بشر متى من السرياني إلى العربي، (1) ونقله يحيى بن عدى " . ونسخة « الشعر » الكاملة في العالم كله الآن هي الترجمة العربية . أما النسخة اليونانية فليس فيها إلا القسم المكتوب عن التراجيديا ، ومعنى ذلك أن الأصل السريانى كان كاملا بين أيدى العرب في عهد إحياء القديم » . ووجود هذه الكتب في عهد إحياء القديم، وجود هذه الكتب كلها كفيل بأن يهز الخواطر، فعلى ضوء النظرات المنظمة فى كتاب «الشعر» لأرسطو إلى مجملات الأسلوب، واستخلصت منها جميع المحسنات الأسلوبية في المعاني والألفاظ والصور ، وربما كانت فكرة تتبع المعنى الشعرى الواحد في الشعر العربي كله، واستخلاص معانيه وقواعده وصوره . وهنا معنى يتضح في قوة أخاذة رائعة، وذلك هو : شخصية الشعر العربى القديم، ومقومات الجنسية الغلابة في أصحابه . فلم لم ينقل العرب هذين اللونين إلى أدبهما ، وبهذا كان الأدب العربي يكسب أحسن الكسب في رأى البعض، وتكسب به الدنيا فى ثروتها الأدبية الباقية؟ خاصة وأن وجود كتاب « الشعر» بين أيديهم يرجع إلى عهد « إحياء القديم » هذا الذى أشرنا اليه ، وأقرب إلى أن يكونوا مستعدين لتقبل الاتجاهات الجديدة في الشعر . فمنهم من قال : إن العرب قد لا يكونون اتصلوا من آداب الإغريق بالقدر الذى يحببها إلى نفوسهم حبا يدفعهم إلى محاكاتها .