حدَّثَنَا عِيسَى بْنُ هِشَامٍ قَالَ: اشْتَهَيْتُ الأَزاذَ، فَخَرْجْتُ أَنْتَهِزُ مَحَالَهُ حَتَّى أَحَلَّنِي الكَرْةَ، فَإِذَا أَنَا بِسَوادِي يَسُوقُ بِالجَهْدِ حِمارَهُ، وَحَيَّاكَ اللهُ أَبَا زَيْدٍ مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ وَأَيْنَ نَزَلْتَ؟ وَمَتَى وَافَيْتَ؟ وَهَلُمَّ إِلَى البَيْتِ، فَقَالَ السَّوادِيُّ: لَسْتُ بِأَبِي زَيْدٍ، وَاتْصَالُ البُعْدِ كان نادرة في الحفظ، مقامات، وقد ظهر في فنه حبه الشديد للزخرف اللفظي والصنعة البديعية، شرح وتقديم محمد عبده، ط3، دار الكتب العلمية. فَكَيْفَ حَالُ أَبِيكَ ؟ أَشَابٌ كَعَهْدِي ، أَمْ شَابَ بَعْدِي؟ فَقَالَ: قَدْ نَبَتَ الرَّبِيعُ عَلَى دِمْنَتِهِ، وَأَرْجُو أَنْ يُصَيِّرَهُ اللهُ إِلَى جَنَّتِهِ، وَمَدَدْتُ يَدَ البِدَارِ إِلَى الصِدَارِ أُرِيدُ تَمْزِيقَهُ، فَقَبَضَ السَّوادِي عَلى خَصْرِي بِجُمْعِهِ، وَقَالَ: نَشَدْتُكَ اللهُ لَا مَزَّفْتَهُ، وَعَطَفَتْهُ عَاطِفَةُ اللَّقَمِ، وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ وَقَعَ، ثُمَّ زِنْ لَهُ مِنْ تِلْكَ الحَلْواءِ، وانْضِدُ عَلَيْهَا أَوْرَاقَ الرُّقَاقِ، ثُمَّ جَلسَ وَجَلَسْتُ، لُؤْلُوِيُّ الدُّهْنِ، كَوْكَبِيُّ اللَّوْنِ، قَالَ: فَوَزَنَهُ ثُمَّ قَعَدَ وَفَعَدْتُ وَجَرَّدَ وَجَرَّدْتُ، مَا أَحْوَجَنَا إِلَى مَاءٍ يُشَعْشِعُ بِالثَّلْجِ ، لِيَقْمَعَ هَذِهِ الصَّارَةَ، وَيَفْتَأُ هَذِهِ اللُّقَمَ الحَارَّةَ، اجْلِسُ يَا أَبَا زَيْدٍ حَتَّى نَأْتِيَكَ بِسَفَاءٍ، يَأْتِيَكَ بِشَرْبَةِ مَاءٍ ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَجَلَسْتُ بِحَيْثُ أَرَاهُ ولا يَرَانِي أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ، وَقَالَ: أَيْنَ ثَمَنُ ما أَكَلْتَ؟ فَقَالَ: أَبُو زَيْدٍ: أَكَلْتُهُ ضَيْفَاً، فَلَكَمَهُ لَكْمَةً، وَثَنَّى عَلَيْهِ بِلَطْمَةٍ ،