بالشيخ محمد عبده في مصر بعد مفارقته للسيد جمال الدين وعودته من نفيه. الإصلاح عندهما إصلاح العقلية بالتدقيق والتهذيب، والنظر إلى الدين نظرة سماحة ويسر، فلا استقلال لجاهل ولا لمخرّف. إنما عماد الاستقلال العلم، العلم بكل شيء أتى به المدنية الحديثة من طبيعة وكيمياء ورياضة، ذلك كله إلى دين يحيي القلب ولا يقيد العقل، ويغني النفس ولا يشل التفكير. والإسلام إذا فهم على أصوله كذلك؛ ثم يرى أن السلطان في مصر وفي الهند في يد الإنجليز: من القوة المادية من الأسلحة والذخائر في البر، ومن القوة العلمية والسياسية ما لا تستطيع الهند ولا مصر مقاومتهم، - فلا إذن للأولى مسألة الإنجليز والتفاهم معهم، وكل من يطلب شيئاً دون هذا باع لوطنه يستحق أن يُهاجم ويُنتقد. فهؤلاء وهؤلاء، وقد يد الأمراء إعادة الرعية بسياطهم للسبيل إلى أقصى حد من المصلحين من هذا القبيل لأنهم تقاعوا عليهم الأجانب. ولو فهموا الأجنبي فهماً صحيحاً، وقوانين الطبيعة لا تختلف. ومع الإنجليز أنفسهم، ليطول عهد الحجر عليه. فلما كانت عقيدة جمال الدين هذا كانت سيرته في حياته ما ذكرنا.