عضلات روبوتية من خيوط العنكبوت ليست المتانة الفائقة هي الميزة الوحيدة التي يتمتع بها خيط العنكبوت. فهو أيضاً شديد الحساسية حيال رطوبة الهواء، ويستجيب بق َّوة لأي تب ُّدل فيها. وقد أ َّهلت هذه الميزة خيوط العنكبوت لتكون مادة مناسبة لصنع العضلات الاصطناعية والمح ّركات الروبوتية. فقد جاء في مقالة نُشرت في مجلة “إم آي تي نيوز”، في مارس 2019م، أن باحثي معهد ماساشوستس التكنولوجي (MIT)، اكتشفوا أن الرطوبة النسب ّية حين تتخ َّطى نسبة مع َّينة، تنقبض فجأة خيوط العنكبوت. إن قدرة هذه الخيوط على الانقباض، استجابة للتغ ُّير في الرطوبة، تس َّمى الانقباض الفائق (super contraction). وهكذا يمارس الخيط مقداراً من القوة يؤ ّهله ليكون مح ّركاً، وبذلك يُجعل هذا الخيط لأداء مه ّمة مع ّينة، كتحريك ال ّصمام مثلاً. كذلك وجد الباحثون أن خيط العنكبوت، في لحظة انقباضه، يلتوي بقوة التواءةً كبيرة. ويرى الباحثون أن هذا الاكتشاف حدث ُصدفة. فحين كانوا يدرسون أثر الرطوبة في خيوط العنكبوت، علّقوا وزناً بأحد الخيوط، واحتبسوه في صندوق يمكنهم فيه أن يتح ّكموا بنسبة الرطوبة. ومع ازدياد الرطوبة، أخذ الخيط المتدلي يدور من تلقاء نفسه. وكان هذا الأمر غير متوقَّع إلى درجة فاجأت الباحثين. وربما يكون هذا الاكتشاف في ذاته؛ على درجة كبيرة من القيمة، في ميدان علوم الروبوت، لأنه يتيح صنع أدوات للحركة الميكانيكية، بدقة كاملة. لقد استخدم الباحثون مواد أخرى، حتى الشعر البشري، للعثور بينها على ما يمكن أن ينقبض ويدور مثل خيط العنكبوت، لكنهم مع الأسف، لم يجدوا في أي من هذه المواد خصائص خيوط العنكبوت تلك. ففي هذا المجال، يُعد خيط العنكبوت مادة فريدة لا مثيل لها. وأفضل طريقة لإنتاج هذه المادة على نطاق صناعي واسع، بالميزات هذه، أو ما يماثلها، يبدو أنها المحاكاة التركيب ّية (synthetic replication). لكن لحسن حظ المجتمع العلمي الواسع، أمكن للباحثين أن يكتشفوا تماماً كيف تحدث عملية التواء خيط العنكبوت الطبيعي، لمحاكاتها في خيط العنكبوت الاصطناعي. فمن خلال النمذجة الجزيئ ّية ( molecular modeling) وتجارب المختبرات العلم ّية، وجد العلماء أن حركة التواء الخيط تتزامن مع انطواء نوع من البرولاين (وهو حمض أميني في البروتينات) الذي يتوافر في أحد أنواع البروتينات الأساسية التي يتك َّون منها حرير خيط السحب العنكبي. حين تلامس جزيئات الماء هذا النوع من البرولاين، تتفكك الأربطة الهيدروجين ّية، فينشأ اختلا ُل تناس ٍق في الجزيء. هذا الاختلال هو المسؤول عن الالتواء والدوران في اتجاه واحد، الذي يحدث حين تبلغ نسبة الرطوبة %70 في الهواء. ويقول العلماء إن هذا السلوك، إذا أمكنت محاكاته في بوليميرات تركيبية، (sensors) العاملة بفعل الرطوبة،