عاش العرب كما عاش غيرهم متفاوتى الغنى والفقر ، لكن الفقر كان أكثر شمولا وأوسع دائرة ؛ لأن بينهم - ولا سيما الصحراء - غير ذات زرع بمونهم ، ولا صناعة ينشرونها في الآفاق فتسكسبهم مالا . على أن أطراف الصحراء - الحيرة والشام واليمن - كانت أكثر خيرات لأنها أخصب وأعظم حضارة وأشد بالأمم اتصالا ، وقد وضحنا هذا في الحديث عن هذه الإمارات . وبحسبنا هذه الصورة التى يصور بها النابغة ترف بني غسان ، يصورهم لابسين تعالا رقاقا لا هي مخصوفة ولا هي غليظة كنعال البدو ، تحييهم الوصيفات بالرياحين في يوم الشعانين، وملابسهم من الخز الأحمر شعار الملوك ، وإذا ما نضوها علقوها على المشاجب ، وهم منعمون من عهد بعيد : رقاق النحال طيب حجزاتهم يحيون بالريحان يوم السياسب نحيهم بيض الولائد بينهم وأكسية الإضريج فوق المشاجب