ولو لم تكن الشريعة بهذا الوصف لتعذر فهمها على من نزلت إليهم ولاستحال عليهم الامتثال لها وهو ما طلبه الله سبحانه وتعالى منهم. ولما قامت به الحجة عليهم من جهة إعجازه لهم, ولقالوا : هذا الكلام غير معروف ولا مفهوم عندنا ولا هو من جنس كلامنا وليس لنا من عهد بمثله ، فدل على أن ذلك لعلمهم به وعهدهم بمثل مع عجزهم المطلق عن مماثله). وإذا قد أراد الله بحكمته أن يكون الإسلام آخر الأديان التي خاطب الله بها عباده, تعين أن يكون أصله الذي ينبني عليه وصفاً مشتركاً بين سائر البشر ومستقراً فهم بالوصف الأول : أهل لفهم الدين وتلقينه, وبالوصف الثاني : أهل في نفوسهم ومرتاضة عليه العقول السليمة منهم ألا وهو وصف الفطرة. حتى وعدم الاضطراب في تلقينه . وبالوصف الثالث : أهل لسرعة التخلق به ؛ وبالوصف الرابع : أهل معاشرة بقية الأمم ؛ وعلى هذا ففهم الشريعة بما يتم به الامتثال لها لا يحتاج إلى أن يكون المكلف بل إن وجود العقل الذي هو التكليف والمعرفة بلغة العرب يجعل المكلف قادراً في الجملة وفي الأعم الأغلب على فهم تكاليف الشريعة بحيث ( تكون التكاليف الاعتقادية والعلمية مما يسع الأمي تعقلها ليسعه الدخول تحت حكمها بأن تكون من القرب للفهم والسهولة على فغن حزازات العرب ما كانت إلا بين قبائلهم مما يختص به أهل الذكر والعلم والاجتهاد,