الجمهور المستهدف يتطلب إنتاج البرنامج الإذاعى الناجح دراسة الجمهور بشكل مستفيض، فمن خلال تحديد فئات الجمهور المستهدف من الجوانب الديموجرافية والسيكو جرافية ومعرفة اتجاهات هذا الجمهور، يستطيع منتج البرنامج استخدام أفضل الأساليب الممكنة للتأثير على الأفكار والاتجاهات والسلوك ولابد أن يؤخذ في الاعتبار التعرف الواقعى على طبيعة المستمع الذى تستهدفه الرسالة الإعلامية ودراسة هذا المستمع دراسة واقعية تتيح إنتاج برامج تحقق المتعة والفائدة معا. وإذا كان البرنامج يعالج مشكلة اجتماعية، فلابد من تحديد الجماعات المعنية بهذه المشكلة على وجه الدقة، فمثلا إذا كان البرنامج يتعامل مع " السيدة الحامل" فإن كل النساء في سن الحمل يصبحن جمهورًا محتملاً لهذا البرنامج، في حين يكون الرجال والنساء من كبار السن جمهورًا ثانوياً محتملاً لهذا البرنامج. وإذا كان البرنامج يتعامل مع أحد الأمراض التي تصيب المحاصيل، يكون المزارعون الذين يزرعون هذا المحصول هم الجمهور الأساسى ويكون باقى المزارعين من الجماهير الثانوية المحتملة. والمقصود هو أن يتم إعداد البرنامج الإذاعى المناسب تماما للجمهور الحقيقي المستهدف، وبالتالي يراعى عند تخطيط البرامج الإذاعية تحديد الجماهير الأساسية المستهدفة، Peigh). وكانت دراسة جمهور وسائل الاتصال الجماهيرية قد مرت بتطورات عديدة طوال القرن العشرين، فخلال النصف الأول من القرن العشرين، كان هناك اعتقاد -59-راسخ بأن وسائل الإعلام الجماهيرية قادرة على تكوين الرأى العام، وحمل الجماهير على تغيير أرائها إلى أى وجهة نظر يرغب القائم بالاتصال في نقلها، والفكرة الأساسية التي اعتقد عليها هذا الاعتقاد هي أن الرسائل الإعلامية تصل إلى جميع أفراد المجتمع بطريقة متشابهة، والمشاهدين، وهذه الجماهير مهيأة دائما لاستقبال الرسائل، وتمثل كل رسالة منبها قويا ومباشرا يدفع المتلقى للاستجابة بالشكل الذي يحقق هدف القائم بالاتصال، وفى هذا الإطار ظهر ما يعرف بنظرية "الآثار الموحدة" Uniform Effects أو نظرية "الرصاصة السحرية Magic Bullet" التي تقوم على افتراضين 1- إن الناس يستقبلون رسائل وسائل الإعلام بشكل مباشر وليس من خلال وسائط أخرى. 2- إن ردود الأفعال بشأن رسائل الاتصال الجماهيرية تتم بشكل فردي، ولا تضع في الاعتبار التأثير المحتمل لأشخاص آخرين. 400-339 :1986 :Bittner). خاصة في الولايات المتحدة الأمريكيه تم إعادة النظر في طبيعة العلاقة بين وسائل الإعلام والأفراد، وبالتالي تم رفض فكرة أن الناس يواجهون وسائل الإعلام باعتبارهم جمهورا لا رابط بين أفراده، وظهر تصور جديد بأن جمهور وسائل الإعلام عبارة عن كائنات اجتماعية مرتبطة ببيئاتها الاجتماعية . ) حمدی حسن، مثل مدخل الفروق الفردية الذى يرى أن البنية النفسية أو الإدراكية لأفراد الجمهور، هي مفاتيح اهتماماتهم بوسائل الإعلام، ويتحكم فى ذلك مبدأ "الانتقائية" Selectivity الذي يشير إلى أن استخدام وسائل الإعلام يخضع للاعتبارات الفردية، وسمات الشخصية، وبنيتها النفسية. كذلك ظهر مبدأ تقسيم الجمهور إلى فئات اجتماعية Social Categories مثل الطبقة الاجتماعية والانتماء الديني والهوية الطائفية ومحل الإقامة، ومستوى التعليم والمهنة والظروف الاقتصادية، وفى هذا الإطار ظهرت نظرية الاستخدامات والإشباعات التي تذهب إلى أن أعضاء الجمهور مشاركون فعالون في عملية الاتصال، ويستخدمون وسائل الاتصال لتحقيق أهداف مقصودة تلبى توقعاتهم، وأن الجمهور ليس متلقيا سلبيا أمام قوة الرسالة وتأثيرها الفعال، وإنما هو جمهور "عنيد" يبحث دائما عن المحتوى الذى يريد التعرض إليه، ويتحكم في اختيار الرسائل التي تقدم هذا المحتوى. وظهر أيضا مدخل "العلاقات الاجتماعية" Social Relationship والذي أشار إلى أن جماعات الأهل والأصدقاء والمعارف والعلاقات الاجتماعية المختلفة قد تساعد على قبول أو رفض الأفكار التي تبثها وسائل الإعلام، وفى هذا الإطار ظهرت نظرية تدفق الاتصال على مرحلتين، ونظرية انتشار الأفكار المستحدثة. حسن عماد مكاوى وليلى حسين السيد (2003: 227-260) وفى إطار اكتشاف نظرية تدفق الاتصال على مرحلتين Two Stop Flow of Communication ظهر الاهتمام بمفهوم "قادة الرأى" Opinion Leaders باعتبارهم الأشخاص القابلين للاستجابة بسهولة لمحتوى وسائل الإعلام، ولديهم القدرة على نشر وتبنى الأفكار الجديدة، فهم بمثابة قنوات إذاعية صغيرة متنقلة يعيدون نقل ما سمعوه عبر الراديو لأصدقائهم وجيرانهم، ويستطيعون إقناع الآخرين بأرائهم بشكل أفضل من وسائل الإعلام الجماهيرية. ويعد التعرف على قادة الرأى أحد المهام الأساسية لمعدى البرامج الإذاعية، -61-ذلك يحقق فائدة للمجتمع، ويتيح مكانة مرموقة لقادة الرأى بين أقرانهم عند إثارة الموضوع على المستوى المحلى. 2- تقديم الحقائق ووجهات النظر التي تدعم أفكار البرنامج، والمعلومات والدراسات التي تساعد قادة الرأى على إقناع الآخرين بأهداف البرنامج. .(Engel, Kollat, & Blackwell, وبالإضافة إلى أهمية التعرف على خصائص ومكونات جمهور المستمعين من الجوانب الديموجرافية والسيكوجرافية، فعلى سبيل المثال هل يبحث البرنامج الإذاعي عن المستمع الذي ليس لديه دراسة عن القضايا المطروحة، أو لديه معرفة محدودة عن جوانب الموضوع؟ هل يبحث البرنامج عن المستمع المؤيد لأفكار البرنامج حتى يزداد يقينا؟ أو - المستمع المعارض حتى يتغير اتجاهه نحو التأييد؟ حيث إنها من القضايا الجدلية التي تختلف حولها وجهات النظر، فإذا كان تخطيط برنامج تنظيم الأسرة يستهدف مستمعاً لا يعرف جوانب الموضوع، أو لديه معلومات قليلة بشأنه، فإن الهدف من مثل هذا البرنامج يكون تحفيز المستمع على التعرف على طبيعة تنظيم الأسرة، وأهميته، وأسسه، ويكون من قبيل تضييع الوقت أن يخوض البرنامج في موضوعات وسائل تحديد النسل فى هذه المرحلة، ذلك أن المستمع لم يصل بعد إلى مرحلة اعتناق الفكرة أساسا،