بعد الشكر و الامتنان لحضورها في هذا اللقاء العلمي من داخل الجامعة حول موضوع الساعة الذي هو مراجعة مدونة الاسرة , لما لها من دور اساسي في حمل مشعل التغيير والاصلاح والمساهمة في تنوير العقول والافكارالتي من شانها تحقيق السلم الاجتماعي خاصة حينما يتعلق الامر بمشروع مجتمعي يهدف الى تنظيم وضبط الحقوق والواجبات في العلاقات الاسرية ,مستحضرة في هذا مدونة 2004 التي كانت محطة مفصلية في بناء العلاقات الاسرية بعد اعادة ترتيب العديد من الامور, وتعتبر المتدخلة انه اعمق اصلاح عرفه المجتمع المغربي لا من حيث المسار الذي سلكه ولا من حيث المنهجية التي اعتمدها وجعل الاجتهاد ليس مقصورا على الفقيه وعالم الدين فقط بل جماعيا يشارك فيه خبراء في العلوم الانسانية والقانونية العلوم الطبية والاقتصادية بمقاربات شمولية . لكن بعد مرور 20 سنة على تطبيقها وتنزيلها على ارض الواقع برزت بعض الثغرات والاختلالات خاصه بعد صدور دستور 2011 وبعد مصادقه المغرب على العديد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة و يضاف الى ذلك ان الاسرة المغربية عرفت تحولات وتغييرات عميقة واصبحت تواجه مجموعة من الاختلالات القيمية بسبب التناقضات الناتجة عن هذه التحولات في سياق تطورات تكنولوجية واقتصادية وسياسية وسوسيوثقافية حيث برزت العديد من التحديات التي افرزها الواقع باعتبار ان الاسرة هي مؤسسة اجتماعية لها دور اساسي في بناء المجتمع وتماسكه وفي اقرار الاستقرار والمساهمة في بناء المسار التنموي والديمقراطي للبلاد فانه يتعين لها الكثير من الاهتمام واعتبارها خيارا استراتيجيا لتحقيق النمو والتطور, وتشير المتدخلة الى ما اشار اليه صاحب الجلالة في العديد من خطبه السامية كان اخرها خطاب العرش لسنة 2022 , والرسالة الملكية الموجهة للسيد رئيس الحكومة يوم 26 شتنبر 2023 حول تقييم تطبيق مدونة الاسرة ومراجعتها بإدخال تعديلات على بعض المقتضيات التي اصبحت عاجزة على مواكبة التحولات والتغييرات المتسارعة وغير قادرة على مواجه ما افرزه الواقع من قضايا واشكالات , وذلك قصد الحفاظ على تماسك الاسرة واستقرارها باعتبارها النواة الأساسية وهي كذلك القناة الصالحة لتمرير كل الاصلاحات المراد ادخالها على المجتمع وفي هذا السياق يأتي احداث هيئة مكلفة بالمراجعة وادخال التعديلات الممكن ادخالها على هذا القانون بمقاربات تشاركية تعالج اشكالات منها كيف نتمكن في عالم اليوم بكل تجلياته واكراهاته ان نعيد انتاج وجودنا الاجتماعي وهندسة علاقاتنا الاسرية على اساس من العدل والانصاف والاستقرار وضمان حقوق كل افراد الاسرة كذلك كيف نتجاوز إشكالية الازدواجية في المرجعية بنهج مقاربة توفيقية بين الهوية الوطنية وثوابت الامة المغربية وبين المرجعية الكونية , وذلك عن طريق الانفتاح على المستجدات وبلورة أرضية فكرية جادة تستدعي التفكير في مفاهيم المرجعين معا بهدف تأصيلها واستثمارها في مزاوجة خلاقة لتأسيس مشروع مجتمعي موحد يحول التعارض الى تكامل وانسجام ويراعي الخصوصية المغربية وكذلك القيم الانسانية المشتركة فموضوع مراجعة المدونة من شانه ان يساهم في اغناء الحوار وتقديم مقترحات جادة تعمل على جعل الاسرة قاطرة للتنمية والارتقاء بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية .وتعطي المتدخلة في المواضيع المطروحة مثال ظاهرة الطلاق التي اصبحت تبعث على ضرورة اتخاذ تدابير للحد منها، بطرحها لمجموعة من التدخلات المقترحة ;كمأسسة الوساطة الاسرية كآلية لحل النزاعات وديا في مكاتب ومراكز خارج المحاكم، وكذا حماية المصلحة الفضلى للطفل باعتماد البصمة الجينية والخبرة القضائية لإثبات النسب وكذلك جعل الولاية على الأبناء في الحضانة مشتركة بين الابوين. اما النفقة فلابد من وضع معايير موضوعية لتحديدها واستخلاصها من المنبع، كما يتعين تدخل صندوق التكافل العائلي في حاله العجز عن ادائها بدل سلوك تطبيق مسطرة اهمال الاسرة ومجموعة من الإشكاليات والمقترحات الأخرى التي تطرحها المتدخلة امام لجنة المراجعة.