الفساد ظاهرة اجتماعية قديمة، وحديثا انتشرت هذه الظاهرة وعبرت حدود الدول نتيجة للتغيرات والتطورات المتسارعة في البيئتين المحلية والدولية متمثلة في العولمة والشركات العملاقة ومتعددة الجنسيات، والظروف السياسية والاقتصادية والتنموية والاجتماعية الاخرى. وقد ارتبطت ظاهرة الفساد بعدة عوامل منها غياب الشفافية والمسائلة وضعف الاجهزة الرقابية وعدم خضوع السلطات الادارية لضوابط قانونية وسلوكية تحد من التجاوزات والممارسات المخالفة للقانون واستغلال النفوذ.وحيث أن الفساد لم يعد في الوقت الحاضر حالات منفردة ومنعزلة في إدارات أو قطاعات أو مجموعات من المنتفعين بل أصبحت ظاهرة عالمية ومنظمة تتعدى حدود الدول، لذلك كان من الضروري إيجاد سياسات واستراتيجيات شاملة ومنظمة لمكافحته، ولضمان نجاح هذه السياسات لابد من مشاركة أطراف متعددة من ضمنها الحكومات والمجتمع المدني والاعلام والقطاعات الحكومية المختلفة والاجهزة الرقابية وغيرها من اللاعبين الاساسيين على المستوى المحلي والاقليمي والدولي نتيجة لتلك العوامل المرتبطة بظاهرة الفساد مثل انعدام الشفافية والمراقبة والقوانين والنزاهة تعرض العالم لسلسلة من الأزمات المالية والاقتصادية خلال العقود الماضية تأثرت منها العديد من الشركات والمؤسسات العالمية والدول المتقدمة والنامية، ومثال ذلك الانهيارات المالية التي حدثت عام 7991 م في عدد من دول شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، وأزمة شركة Ernon الامريكية عام 1007 م ، وكذلك أزمة شركة الاتصالات WorldCom الأمريكية عام 1001 م، وأخيرا الازمة المالية عام 1002 م، ولم يكن أثر هذه الازمات محدودا بالشركات او الدول التي تعرضت لتلك الازمات بل تأثر بسببها كثيرا من اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية على السواء وهددت النظام الاقتصادي والمالي العالمي.تلك الازمات جعلت موضوع مكافحة الفساد يحظى باهتمام كبير خلال العقدين الماضيين على جميع المستويات المحلية والدولية والهيئات والمنظمات الدولية، فعلى المستوى الدولي بدرت اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) عام 100٢م لتنسيق الجهود الدولية لمكافحة الفساد وتعزيز النظم الوطنية لمكافحته. ودخلت الاتفاقية حيز النفاذ في 7١ كانون الأول/ ديسمبر 100٢، وحتى إبريل 107١م، بأدق عليها أكثر من 710 دولة. حيث تلزم الاتفاقية الدول الأطراف فيها بتنفيذ مجموعة واسعة ومفصلة من التدابير لمكافحة الفساد، وعلى المستوى العربي بدرت الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد عام 1009 م،