بدأت السرديات البنيوية بالتحليل اللغوي للرواية، مقدمةً إطارًا نظريًا وإجرائيًا لدراسة مكوناتها وهياكلها، لتتحول فيما بعد إلى نظرية مستقلة في علم السرد ذات منظومة معرفية خاصة. استفادت الدراسات السردية عند الفرنسيين، مثل رولان بارت وتزفيتان تودوروف وجيرار جينيت، في بدايتها من لسانيات دوسوسير و"الشكلانيين الروس"، وأفكار فلاديمير بروب في تحليل بنية الحكايات الشعبية الروسية. أضافت السرديات الشكلية مفاهيم وإجراءات جديدة، لتتبلور كنظرية تحليل الخطاب الروائي، وتكتمل مع صدور كتاب جينيت "أشكال III" عام 1972. أصبح مجالها عالميًا، وقد نالت اهتمامًا في النقد الروائي العربي، حيث تم تلقيها وتوظيفها في مقاربة السرود العربية. ركزت هذه الدراسة على تلقي نظرية السرديين الفرنسيين، خاصة في أعمال سعيد يقطين، الذي استفاد من السرديات البويطيقية في كتابه "تحليل الخطاب الروائي" (1989) لدراسة الرواية، ومناقشة "القصة"، "الخطاب"، "السرد"، "الحكي"، "حدود السرديات"، "النص"، "التعبير"، و"المضمون". أتاح له مقترحه النظري تحليل الخطاب الروائي العربي من ناحية البنية والمدلول، كما توسع في "انفتاح النص الروائي، النص والسياق" (1989). يهدف عمل يقطين إلى توسيع نطاق السرديات، ودراسة "سرديات خطاب الرواية" عن طريق تحليل الصيغة، السرد، والزمن، كما استفاد من "سوسيولوجيا النص الأدبي" عند بيير زيما لتطوير "السوسيو سرديات". يسعى يقطين إلى استيعاب خصوصية الخطاب والنص الروائيين العربيين، مع التأكيد على ضرورة استفادة السرديات العربية من النظريات الأدبية العالمية بشكل واعٍ، وطرح بديل نظري لمقاربة الروايات العربية سرديًا انطلاقًا من خصوصيتها الخطابية والنصية.