فإنه لم ينس أن يربط عمر الدولة هذه بطبيعة الملك إذ يقول إذا استحكمت طبيعة الملك من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم». مباشرة بدأ التقهقر أو كما يسميه محمد فريد بك والانحطاط، والتغالي في الزهو والترف - التغير الذي حدث على قيادة الانكشارية، عثمانياً يقضي بأن يتولى السلطان بنفسه قيادة الجيش الانكشاري في كل معاركه. ومن حينه تقاعس السلاطين عن الخروج من قصورهم لقيادة الجيش. - ترك السلطان سليمان القانوني إدارة شؤون الدولة إلى الصدر الأعظم، أصبح تقليداً في الإدارة العثمانية كانت له سلبياته الخطيرة، عزلة عما يجري في الدولة إلا ما ينقل لهم من وشايات ). استحداث ما وإننا إذ نتفق مع ما ذهب إليه محمد فريد بك في تركيزه على الأسباب السالفة الذكر، ننوه إلى أنه أغفل سبباً خطيراً آخر لا يقل أهمية عن غيره، ذروة المجد في عهد سليمان القانوني الانحطاط مباشرة. ظروف إبرام نظام الامتيازات فحين واجه فرانسوا الأول شارل كوين (شارل الخامس) ملك النمسة وإسبانية وهولندة وألمانية الذي كان يحاصر فرنسة من كل الجهات، حينها أرسلت أمه ولويز سافوا الكونت جون فرانجيباني إلى السلطان سليمان القانوني ورجته تخليص ابنها، وهو ما أتاح الفرنسة «البروز كدولة قومية خلال القرن السادس عشر، فالأسطول التركي في غربي البحر المتوسط كان يحمي جناح فرنسة الجنوبي ضد أي هجوم يشنه أعداؤها، مما أتاح لملوكها تركيز قوتهم في الشمال وتأمين حدود فرنسة القومية (1). وهيئوا الفرصة لوجودهم القومي. وبعد العمل العثماني الدؤوب الحماية فرنسة من عمليات التوسع التي سعى لها شارل كوين (الخامس)، وسميت منذ ذلك الوقت بـ «نظام الامتيازات الأجنبية . كما سمح لباقي المدن الإيطالية بالاستفادة من ذلك بهدف تشجيع التجارة الخارجية (١٠) مع أوروبة والشرق عموماً. وحيث أن هذه المنحة السلطانية قد تطورت وتعقدت مع الوقت حتى تحولت إلى قيود تكبل السلطنة داخلياً وخارجياً، ودوافع منحها ونتائجها . طبيعة بنود معاهدة الامتيازات أكثرها إجحافاً بحق العثمانيين هي البنود الرابع والخامس والسادس والسابع. وسياسية وقضائية لم تكن تحلم بها أية دولة أوروبية. فرنسة أو الحكم عليهم فيها ما لم يكن مع المدعين سندات بخط المدعى عليهم أو حجة في جبهتين: أوروبة الوسطى التي تولاها هو، وسميت منذ ذلك الوقت بـ «نظام الامتيازات الأجنبية . كما سمح لباقي المدن الإيطالية بالاستفادة من ذلك بهدف تشجيع التجارة الخارجية (١٠) مع أوروبة والشرق عموماً. وحيث أن هذه المنحة السلطانية قد تطورت وتعقدت مع الوقت حتى تحولت إلى قيود تكبل السلطنة داخلياً وخارجياً، ودوافع منحها ونتائجها . طبيعة بنود معاهدة الامتيازات أكثرها إجحافاً بحق العثمانيين هي البنود الرابع والخامس والسادس والسابع. وسياسية وقضائية لم تكن تحلم بها أية دولة أوروبية. ومن ناحية أخرى استخدمت من التحالفها مع فرنسة ورقة رسمية تسمح لها بصورة شرعية بالتدخل العسكري المحاربة شارل كوين، وحتى أن عملية التجديد معاهدة الامتيازات الممنوحة لإنجلترة عام ١٥٨٣م كانت مدروسة على أساس تحييدها أو التحالف معها، فالخلفاء الأوروبيون كانوا يفكرون بمصالحهم ويوحدتهم الدينية ويخشون في الوقت نفسه من التوسع الإسلامي. فكيف إذن يناضل ضد البابا ويطالب بالوقت نفسه منحه الامتيازات نفسها التي حصل عليها وبموافقة سلطانية 11 ومن ناحية ثانية لا يمكن إغفال سعي البابا إكراماً لوحدة المسيحيين في أن يضغط على كل من شارل الخامس وفرانسوا الأول ليضعا حداً لقتالهما بهدف أن تتحد أوروبة من جديد ضد الإسلام (۱۷). وفي سياق البحث عن مبررات لإبرام الامتيازات يرى أحد الدارسين بأن الدولة العثمانية قد استفادت بتقديم الامتيازات لفرنسة وإذ أن العلاقات الوطيدة مع فرنسة سوف يترتب عليها المزيد من التأثير في شؤون أوروبة الغربية، ويعترف المؤرخ الفرنسي جون ببرنجر المتخصص في تاريخ الامبراطورية الهابسبورجية بأن سليمان القانوني لم يتردد حينها في صرف مبلغ مليون دوكة لكي يسلح أسطول خير الدين باربروس المكلف بالدفاع عن جنوب فرنسة. فرانسوا الأول من تسليح أكثر من ٢٠ سفينة وبصعوبة كبيرة (٢٠). الذي يقول فيه إن معاهدة الامتيازات ومعاهدة مساعدة لتنمية فرنسة عسكرياً واقتصادياً والحيلولة دون وقوعها لقمة سائغة الألمانية وإسبانية. وهكذا منح الديوان الهمايوني فرنسة بعض الامتيازات التجارية التي من شأنها تقويتها ببعض الميزات التي لم يعترف بها لغيرها من الدول (1) . هنري الثاني ملك فرنسة إلى السلطان سليمان القانوني لم يبق لدى فرنسة أي أمل في المساعدة من أي مكان آخر عدا حضرة سلطان العالم حيث أن حضرة سلطان العالم قد قدم من قبل مساعداته لمرات عديدة. ولكن يبقى أن نتساءل إذا صح ذلك مع فرنسة فكيف يوافق السلطان على جعل هذه الامتيازات مفتوحة لإنجلترة ولبابا روما إن شاءوا تمتعوا بها، وهو في حرب مصيرية معهم وبالذات مع بابا روما الذي كان يساند شارل الخامس ؟ هل أراد أن ينمي أعداء،