شعر الطبيعة هو الشعر الذي يتخذ من عناصر الطبيعة الحية و الطبيعة الصامتة مادته و موضوعاته ولئن كان شعراء المشرق قد سبقوا الى شعر الطبيعة فإن الاندلسيين قد فاقوا المشارقة في شعر الطبيعة كما و كيفا و توسعوا ونوعوا في موضوعاته توسعا و تنوعا فاق كل اعتبار كما انهم كانوا فيه اكثر براعة و ابتكارا و تجديدا و دقة و تصوير ومرجع ذلك اولا الى طبيعة الاندلس هذه الطبيعة الرائعة الخلابة التي عبرت فيها الارض عن نفسها اجمل تعبير بما اطلعته على سطحها و نثرته في شتى ارجائها من طيب التربة و من الانهار الغزار و العيون العذاب ومن البر و البحر ومن السهل و الوعر ومن الحقوب ز البساتين و الحدائق و الرياحين ومن الاعتدال الغالب فيها على الهواء و الجو و النسيم وعلى الربيع و الخريف و المشتى و المصيف ومن المدن الحصينة و القلاع المنيعة واستبحار التمدن و العمران ثم ما ابيض من الوان الانسان و نبل الاذهان وشهادة الطباع هذه البقعة الكريمة من الارض و الغنية بشتى المناظر و المشاهد التي تأسر الطرف و تستهوي الافئدة و تستشير المشاهد و العواطف و تستصبي الخيال كان لها الاثر القوي في عقول ابنائها و اخلاقهم و امزجتهم ورهافة حسهم وصفاء اخيلتهم