يمتاز الأعشى بكثرة قصائده الطويلة ، كما يمتاز بكثرة تصرفه في فنون الشعر من مديح وهجاء وفخر ووصف وخمر وغزل . أما المديح فقد قالوا إنه أول من سأل بالشعر واستجدى بالقريض (۱) واتخذه مستجتراً يطوف به البلاد (۲) ، وحقاً سبقه غير شاعر إلى المديح كزهير والنابغة ، ولكن أحداً منهم لم يحرص على الاستعطاء وطلب النوال كما حرص الأعشى فقد طاف في أطراف الجزيرة العربية يمدح السادة والأمراء ، ذاكراً ما يفيضون عليه من الإبل والحياد والإماء وصحاف الفضة وثياب الخز والديباج ، منوهاً في أثناء ذلك بسؤاله لهم ، غير مسبق على شيء من نفسه . ومعانى المديح عنده لا تفترق عن المعانى العامة في مدائح الجاهليين ، فهو ما يني يمدح بالكرم والشجاعة والوفاء وعون الضعفاء في القبيلة، وكثيراً ما يعرض الجيوش ممدوحه إذا كان أميراً أو شيخاً لقبيلته مصوراً ما تنزله على الأعداء من التقتيل والنكال، وقد يطيل فى وصف ما تشنه من غارات على الأعداء ، ممدوحه ثناء مفرطاً . ومن أهم ما يميز مديحه بالقياس إلى الجاهليين كثرة إسرافه فيه ، ولا نقصد الإسراف في الأوصاف من حيث هي وإنما نقصد الغلو فيها والإفراط ، بحيث يعد مقدمة المبالغات العباسيين في مدائحهم ، وقد يكون ذلك من أثر رغبته الشديدة في العطاء ، وقد يكون من أثر الحضارات التي ألم بها في طوافه ، وهذا هو معنى ما نقوله من أنه يشبه العباسيين ، فذوقه في المديح يقترب من ذوقهم وما نعرفه عندهم من غلو دفعهم إليه ملق الخلفاء والوزراء بنفس الباحث الذي بعث الأعشى على إفراطه في مديحه ، ونقصد طلب النوال والعطاء الجزيل . من مديحه لقيس بن معد يكرب إذ يقول : وَسَعَى لِكنْدةَ سَعْى غيرِ مُواكل قَيْس فَضَر عدوها وبنى له