دور الحرفيين والصناع في تطوير العلوم التطبيقية عند المسلمين سليمان حسن الشحي - U20201307 فهد عبدالواحد راشد - سعيد محمد اليحيائي - بإشراف الدكتور: محمد خاطر على الرغم من أن هؤلاء الحرفيين لم يكونوا دائمًا من العلماء الأكاديميين في معاهد التعليم الرسمية، فإن مهاراتهم الابتكارية والتقنية كانت أساسًا للعديد من الاكتشافات العلمية التي أثرت في حياة المجتمعات الإسلامية ومن بعدها المجتمعات العالمية. لقد قامت العلوم التطبيقية في الحضارة الإسلامية على أسس علمية وفنية متينة، كان هؤلاء الحرفيون بمثابة حلقة وصل بين الفهم النظري للعلوم وتطبيقاتها العملية في الحياة اليومية، مما مهد الطريق للعديد من الاكتشافات والابتكارات التي ألهمت العلماء في مختلف الفروع العلمية. إسهامات العلماء والحرفيين في تطور العلوم والحضارة الإسلامية: حيث شهدت الفترة الممتدة بين القرن الثامن والقرن الثالث عشر الميلادي تطورات علمية كبيرة، وبعض الدول المستقلة في فارس مثل السامانيين والبويهيين. بل كان نتيجة تفاعل وثيق بين العلماء الذين وضعوا الأسس النظرية، ساهم العلماء في تقديم ابتكارات ونظريات جديدة، بينما قدم البتاني والبيروني إسهامات مهمة في علم الفلك، قدم ابن سينا والزهراوي دراسات مفصلة حول الأمراض والجراحة، كما قام البيروني بتوثيق مئات الأدوية المستخلصة من النباتات والمواد الكيميائية، فقد أسهم ابن الهيثم في وضع أسس علم البصريات من خلال دراساته حول الضوء والعدسات. اللتين اعتمد عليهما الفلكيون لإجراء حساباتهم الفلكية بدقة. التي ساعدت في تشييد القناطر والجسور والمساجد ذات التصاميم الهندسية المتميزة. حيث أصبحت المخطوطات العلمية أكثر انتشارًا بفضل جهودهم في تطوير تقنيات النسخ والتجليد. وكانت مفتوحة للعلماء والطلاب والمهتمين بالمعرفة. أشار المستشرق آدم متز إلى أن أوروبا في ذلك العصر كانت تمتلك عددًا محدودًا من المكتبات مقارنة بازدهار المكتبات الإسلامية، في حين أن الخلفاء والأثرياء كانوا ينفقون أموالًا طائلة لاقتناء الكتب الحديثة. جعل الحضارة الإسلامية منارة للعلم في العصور الوسطى وأسهم بشكل مباشر في تشكيل العلوم الحديثة. الحرفيون ودورهم في تطوير الطب: بل أسهموا أيضًا في تحسين جودة الأدوات وتطويرها لتناسب احتياجات الممارسة الطبية المتقدمة. حيث وثّق في كتابه التصريف لمن عجز عن التأليف أكثر من 200 أداة جراحية، 2. تخفيف الألم خلال العمليات الجراحية: طوّر الأطباء المسلمون أساليب لتخفيف الألم، الذي كان يُنقع في خليط من الأعشاب المهدئة مثل الأفيون والماندريك، ثم يُوضع على أنف المريض أو فمه لتخديره جزئيًا. لكنه لم يكن صاحب ابتكار الإسفنج المخدر. كما استخدم الأطباء الكمادات الباردة لتقليل الالتهاب، لكن التخدير الكامل (كما نعرفه اليوم) لم يكن متاحًا في ذلك الوقت. 3. تحضير الأدوية وتطور علم الصيدلة: كان العطارون والصيادلة جزءًا أساسيًا من النظام الطبي الإسلامي، 1248م) أكثر من 1400 نوع من النباتات الطبية في كتابه الجامع لمفردات الأدوية والأغذية، الذي تميّز البول فيه بطعمه الحلو، كما اعتمدوا على ملاحظة كثافة البول ورائحته إلى جانب ذلك. وهي تقنية برع فيها ابن سينا وابن النفيس. 1288م) وصفًا دقيقًا للدورة الدموية الرئوية، حيث أثبت أن الدم ينتقل عبر الرئتين من البطين الأيمن إلى البطين الأيسر، بدلًا من المرور مباشرة عبر مسام غير مرئية كما كان يُعتقد سابقًا. 5. تقنيات العلاج (الكي والحجامة): ورث الأطباء المسلمون تقنيتي الكي والحجامة عن الحضارات السابقة، 925م) في كتابه الحاوي في الطب استخدام الكي لعلاج النزيف، لكنه أكّد على ضرورة اللجوء إليه كحل أخير بعد استنفاد العلاجات الأخرى. فقد أشار إلى فوائد الحجامة لكنه حذّر من الإفراط في استخدامها، 6. التعاون بين الحرفيين والعلماء: كان التعاون بين الأطباء والحرفيين ضروريًا لتطوير الطب. مثل صناعة المحاقن الزجاجية لتحضير الأدوية وتطوير أدوات جراحية أكثر دقة. الحرفيون ودورهم في تطوير علم الرياضيات: دور الحرفيين والصناع المسلمين في تطوير علم الرياضيات كان بالغ الأثر في تقدّم هذا العلم وازدهاره. يستخدمون الرياضيات في أعمالهم اليومية مثل البناء وصناعة الساعات والمعدات الفلكية. اعتمدوا على مبادئ الهندسة والجبر التي كانت تتطور في تلك الفترة، وطبقوا هذه المفاهيم في تصميم المساجد والمعالم المعمارية، فقد قاموا بترجمة الكتب الإغريقية وإيصالها إلى العالم الغربي، اعتمدت المؤلفات اللاتينية بشكل أساسي على الترجمات الإسلامية، كما كان لهم الفضل في تطوير مفهوم الصفر واستخدامه في العمليات الحسابية لأول مرة. الذي أصبح جزءًا أساسيًا من النظام العددي العشري الذي يعتمد على الرقم 10. الذي جعل من الجبر علمًا مستقلاً وألّف كتاب "حساب الجبر والمقابلة"، والذي ظل مرجعًا أساسيًا في الجامعات الأوروبية حتى القرن السادس عشر. من أبرز هذه الإسهامات كان تطوير حساب المثلثات على يد العلماء مثل أبو وفاء محمد البزنجي، لقد كانت هذه الإسهامات حيوية في تشكيل الأسس التي قام عليها علم الرياضيات في العصور الحديثة، ولا يزال تأثيرها واضحًا في العديد من المجالات العلمية والتقنية اليوم. الحرفيون ودورهم في تطوير علم الفلك: نظرًا لأهمية علم الفلك في تحديد المواقيت الشرعية، وكذلك في حساب التقاويم والمواسم الزراعية، ازداد الاهتمام بصناعة الأدوات الفلكية الدقيقة التي تسهّل هذه العمليات. كان إبراهيم بن حبيب الفزاري (القرن الثاني الهجري) أول من طور الإسطرلاب عند المسلمين، وشرح طريقة عمله وصناعته في كتابه "العمل بالإسطرلاب". 2. بناء المراصد الفلكية: كان للحرفيين دور بارز في بناء المراصد الفلكية التي استخدمها العلماء في دراساتهم المتقدمة. مثل مرصد بغداد الذي أقامه الخليفة المأمون في القرن الثالث الهجري، الذي أسسه العالم الفلكي نصير الدين الطوسي (توفي 672هـ/1274م)، مما مكّن العلماء من إجراء دراسات دقيقة حول حركة الكواكب ودائرة البروج. الذي أنشأه أولوغ بيك في القرن التاسع الهجري، 3. إسهامات العلماء المسلمين في الفلك: لم يكن لعلم الفلك أن يتطور دون وجود أدوات متقنة الصنع، 232هـ/847م): الذي ألف كتاب "السند هند الصغير"، وهو زيج (جدول فلكي) جمع فيه خلاصة المعارف الفلكية القديمة، وأضاف إليه تحسينات جعلته من أهم المصادر الفلكية في العصور الوسطى. 440هـ/1048م): الذي ألّف عدة كتب فلكية، منها "التفهيم لأوائل صناعة التنجيم" و"التطبيق إلى تحقيق حركة الشمس"، وساهمت أدوات الرصد الدقيقة التي صُنعت له في التوصل إلى نتائج علمية متقدمة. وأجرى بفضل الأدوات الفلكية المتطورة التي صُنعت له تحسينات على نظريات بطليموس. فقد نقلت أوروبا كثيرًا من الأفكار الفلكية الإسلامية، خاصة فيما يتعلق بصناعة الأدوات الفلكية واستخدامها، حيث ترجمت العديد من الكتب العربية حول الإسطرلاب وتقنيات الرصد. كما تأثرت مدارس الفلك الأوروبية بالزيجات الفلكية الإسلامية، الذي لا يزال يُستخدم في معظم بلدان العالم حتى اليوم. الحرفيون ودورهم في تطوير علم الفيزياء: كما أسهموا في تنفيذ الابتكارات التي وردت في كتاب "الحيل" لأولاد موسى بن شاكر، كان الحرفيون مسؤولين عن صقل العدسات وصناعة المرايا التي استخدمها العلماء مثل ابن الهيثم في تجاربه حول انعكاس وانكسار الضوء. إتقانهم لصناعة الأدوات البصرية مكّن العلماء من دراسة الظواهر الضوئية ووضع الأسس لنظريات البصريات الحديثة، مخالفًا الاعتقاد القديم بأن الرؤية تحدث بخروج الأشعة من العين. حيث كانوا أول من اكتشف أن الأصوات تتأثر بالأجسام التي تصدرها وتنتقل عبر الهواء على هيئة موجات دائرية. حيث فسّر العلماء المسلمون اختلاف أصوات الحيوانات بناءً على أطوال أعناقها وعرض حناجرها. ومن الإسهامات المهمة أيضًا قيام العالم أبو الريحان البيروني بتحديد النسب بين كثافة مجموعة من المعادن، كما ساهموا في تطوير أدوات قياس الزمن والحركة التي ساعدت العلماء مثل ابن سينا وابن ملكا البغدادي في صياغة بعض القوانين الفيزيائية العالمية، ومن الإسهامات الفيزيائية المهمة أيضًا تفسير العلماء المسلمين لظاهرة الصدى باعتبارها ناتجة عن انعكاس الهواء الذي يصطدم بالجبال العالية أو الجدران.