حتى اصبحت الشريك الأوروبي البارز في نشاط أوروبا التجاري. ووفد اليها التجار من فرنسيين واسبان وايطاليين، وكانت البندقية تجنى الكثير من الارباح عبر نقل هذه البضائع الى المانيا وفرنسا وغيرها من البلدان الغرب. البندقية كانت مستقلة بشئونها ويرجع ذالك الى تمركز بعض الجاليات الرومانية، وبقيت الجاليات الرومانية في تلك الجهات الى ان امتدت إليهم سلطة القوط. ونتيجة لبقائهم اعترفوا بسيادة الدولة القوط الشرقيين. كان الامبراطور جستنيان يسعى الى اعادة الدولة الرومانية الى ما كانت عليه، البندقية لم يحدث لها شي واصبحت في مامن من الفتح اللومباردى. وكان عدد البنادقة في زيادة مستمر في جهات التي لم يصل سيطرة اللومبارديون عليها، وظلو تابعين تبعية رسمية للدولة البيزنطية. وأصبح التنظيم الكنيسي تحت تاثير الاساقفة اللاجئون وبحكم موضعها الجغرافي اصبحت وحدة سياسية مخالفة لما نشأ في باقي اجزاء ايطاليا برغم تبعيتها الرسمية لبيزنطة. في اواسط القرن الثامن ظهر خصومه. مما ادى الى تدخل الفرنجة في شئون ايطاليا والتي ازالت مملكة اللومبارديين. وقد استفادت البندقية من العلاقة التي نشأت بين البابويك والدولة الفرنجية، واصبحت الحلقة الوصلة بين البلدين. واصبحت البندقية الوسيط التجاري بين شرق اوروبا وغربها. امتدت سلطة الفرنجة الى ايطاليا في عهد شارلمان وقد اعترفت البندقية بالسيادة شارلمان ولكنها لم تدم طويلا لانها كانت سبب في الحروب وصراعات طويلة وعادت البندقية لتبعيتها القديمة، ‏في أواخر القرن العاشر ميلادي كانت تتربى على العرش من أقوى الأسرة في التاريخ البيزنطي هي الأسرة المقدونية. اما من الناحية الإمبراطورية الغربية التي تكونت بعد حلال الدولة الكارولنجية فقد دابت البندقية على مواجهتها باعتبار أنها دولة مستقلة بذاتها وعقدة مع هدأت تجارية كثيرة اما ناحية الداخلية فقد استمرت تنمو كقوة تجارية وأصبحت مدينة زاهرة منذ أوائل القرن التاسع كانت علاقتها بمصر قوية. ‏ومن عظمتتها كان إسطولها التجاري يبلغ ستين سفينة. كانت أوروبا مملوء بحوادث ظهور الدولة النورمانية فقد تأثرت البندقية بظهورها اخذوا يتوسعون على حساب جيرانهم من المسيحيين والمسلمين وهدفهم أن يجعلوا البحر الإدرياتي بحرا لجيوشهم مما يتنافى مع سياسة البندقية ومصالح التجارية وأخذ النور مان يمدون السهم نحو الشاطئ الشرقي تمهيدا لاستلام على القسطنطينية وقام بمحاصرة مدينة دورازو ‏لتحقيق مبتغاه. ويبدأ التطور في البندقية ويظهر أثر النورمان في تاريخ البندقية وشعبها نتيجة تضارب المصالح وكان من الطبيعي اللجوء إلى الكسيس ضد النورمان واطماعهم. كان بينهم هدف وهو القضاء على العدو المشترك لكليهما، ويجب أن نعرف أن هذه المساعدة ليس لها أي قيمة إنما القيمة الحقيقية تنحصر فإن البنادقة وافقت على المساعدة وبشرط أن يكون للبنادق حق الأتجار في المدن البيزنطية بما فيها ذلك القسطنطينية وأن يتمتعوا دون غيرهم من التجار بخمسائة قوية بمعنى أن يكون لهم جالية ويكونون محاكم خاصة وليس لبيزنطة عليهم من سلطان تماما مثلما فعلوا عندما ساعدوا الصليبيين الغربيين في الاستيلاء على المدن والموانئ المصرية والشامية أثناء الحركة الصليبية. وقد ساعدت البندقية الإمبراطورية البيزنطية للتخلص من النورمان تحقيقا لمصالح الخاصة. ولقد استفادت من وراء ذلك فائدة حربية ومادية والخلاصة أن البنادق أصبحت دولة بحرية قوية تهتم بالتجارة وتعمل على أن تكون لمتاجرها أسواق خاصة. فقد كانت البنادقة يجرون وراء مصالحهم حيثما كانت وفكانوا يشتركون مع مع الصليبين إذا وجدوا مصلحة لهم ويسعون الى التفاهم مع المسلمين وفقا لما تمليه عليهم مصالحهم الخاصة. كان هدف البنادقة هو الربح والكشف المادي ولم يهتمو للباعث الديني إلا إذا كان لهم مصلحة وقد غلبت عليهم الصفة التجارية البحتة وشعارهم هو "لنكن اولا بنادقة، ثم لنكن بعد ذلك مسيحيين". وإذا عدنا إلى الصراع الدائر بين البنادقة والنورمان كانت تخشى من القوى النورمانية الصقلية ‏للاستيلاء على الشاطئ الادرياتي. ‏وموقف البنادقة من الحروب الصليبية كانت تطلب مؤقتا من زعمائها الحذر وكانت تميل إلى بني جنسها بحكم أنها الدولة مسيحية مثلهز بمعنى ذلك أنها تفقد التجارة النامية مع بلاد المسلمين في مصر والشرق الأدنى و وتجلب على نفسها عدواة بيزنطة واباطرتها ‏وأن تكوينها السياسي وقوتها البحرية لم تكن قد بلغت الدرجة الكاملة بعد إذا كان نورمان من ناحية الشاطئ الإدرياتيي والمجربون من ناحية دالماشيا والشواطئ البلقانية و أصحاب المؤانى و لابد أن تصبح صاحبه السيادة في تلك الثغور لتكون المسيطرة على الطريق التي تتوقف عليه تجارتها، والواضح انه هذا الشرط متناقض ولكنه يتفق مع مصلحتها. وبعض الدويلات بإيطاليا شاركت الصليبيين في اعدائهم ضد المسلمين. ولقد وضح لها أن الفرنج سيفتح بلاد وأسواق وخاصة بعد حملة الصبية الأولى لا قد حققت أغراضهم الاستيلاء على بيت المقدس وتكوين إمارة صبية في الشام وذهب بعضهم من البنادق بقصد الاشتراك في هذه الحروب. ‏وكان يقفون بجانب الصليبيين بسبب التجارة. بمعنى أن البندقية دخلت الحروب الصليبية بهدف احتلال المركز التجاري الأول شرق البحر المتوسط والقضاء على منافسيها من التجار. فأخذ الإمبراطور حنا كومنين يضيق على مصالح البنادقة في القسطنطينية وإلغاء امتيازاتها التجارية. كان سبب الحوادث التي جمعت البندقية وبيزنطة هي النورمان وجعلت الدولة البيزنطية تعتمد على البنادقة في احتياجات العسكرية وبرزت البندقية كدولة بحرية كبرى ولقد انتهى الخطر النورمان مؤقتا بصلح عقد في سنة 1154م. وبسبب حركة النورمان فقد وقفت البندقية وبيزنطة في جانب واحد ضد النورمان واطماعهم. ومع انتهاء الخطر الخارجي جعل البنادقة تواجه موقف الدولة البيزنطية منها وكان هذا الأمر متوقع كانت البنادقة هي الدولة التجارية الكبرى وتجارتها منافسة لمصالح الدولة البيزنطية وغيرها في شرق البحر المتوسط. وكان ذلك مخالفا لمصالح البنادقة وأن هذا الإمبراطور كان يريد مد نفوذه إلى إيطاليا في الشمال والجنوب كخطوة أساسية لتصبح إمبراطورية واحدة. فانضمت البندقية إلى البابوية في نضالها ضد الإمبراطورية، كما وعد بتعويض اللاتين جميعا تعويضا ماليا كافيا. ثم اتت الحملة الصليبية الثالثة بهدف إنقاذ الكيان الصليبي في الأراضي المقدسة بعد ضربات التي واجهها صلاح الدين الأيوبي إليها والذي انتصر في حطين سنة 1187م وقام يطردهم من البيت المقدس. وقد حصلت البنادق في المقابل على امتيازات تجارية في بلاد الصليبية.