يصور البعض البنية القبلية على أنها ثابتة لا تتغير ، ولكن الحقيقة لا تتفق مع هذه الصورة النمطية ؛ فالحياة في بيئة قاسية مثل صحراء شبه الجزيرة العربية أفرزت ثقافة فريدة من نوعها تكيفت مع ما اقتضته الضرورة . غير أن فهم هذه القدرة على التكيف ليس أمرا سهلا ، إن فهم معناها وثقافتها وفلسفتها على حقيقتها يقتضي دراسة الثقافة القبلية بعقلية منفتحة وبديهة حاضرة . ولابد هنا من أن نتذكر كلمات بيلي الذي يرى أنه ليس هناك نمط واحد للقبيلة في شبه الجزيرة العربية ، فكل قبيلة عربية في الصحراء تكيفت مع الظروف التي واجهتها . وتنقسم القبائل بشكل عام إلى قسمين رئيسيين : أولا ، القبائل التي عاشت على ما تجود به الصحراء ، فهي تربي الماشية وتزرع الأراضي في الواحات . القبائل التي تعيش على البحر ، سواء بالاعتماد علی صید الأسماك أو الغوص واستخراج اللؤلؤ أو التجارة البحرية ، أما الذي يميز قبيلة بني ياس في أبو ظبي عن غيرها فهو أن أهلها يندرجون في الفئتين معا ، إذ كان بعضهم بدوا رحلا ، ينتقلون في أوقات معينة من السنة نحو الساحل ليعيشوا حياة صيد الأسماك والغوص لاستخراج اللؤلؤ . وما إن ينتهي موسم صيد الأسماك حتى يعودوا إلى حياتهم البدوية في الصحراء . وبالنسبة إليهم كان هذا النمط من الحياة يبدو ببساطة استجابة طبيعية للفرصة التي منحتهم إياها بيئتهم ، والتي ينبغي عليهم استغلالها حتى أقصى حد . أما الرؤية التحليلية لهذا النمط من الحياة فهي تركز على كون هؤلاء متعددي الأنشلة " ،