فكان طبيعيا أن يختلف ذوقه عن ذوق البدو وأن يأتي بمثل هذه المعاني التي تروق ممدوحيه من الأمراء . وإذا كان النابغة يتفوق في المديح تفوقاً ظاهراً فإنه كذلك يتفوق في الاعتذار ، إذ نحس فيه رقة في اللهجة وإلحاحاً في التلطف محاولا أن يزيل من نفس النعمان بن المنذر ظنه السيئ فيه. وقد استعان بموهبته في اختراع الصور والمعاني والتدقيق فيها ، فمايني يقدم للنعمان المعاذير متخذاً إليه كل ما يستطيع من البراهين ومن سبل التلطف والملاينة . ولا طلباً لعصافير النعمان كما قال أبو عمرو بن العلاء ، ويأخذون في التنصل منه ، وتقديم شتى المعاذير . وهو يخلط اعتذاره بمديح النعمان والثناء عليه ، وارجع إلى المعلقة فستراه يستهلها بوصف أطلال دار مية ، ومشبهاً لها بثور تناضله كلاب الصيد ،