وهي تعيش معه وحده مدة أسبوع، فقد سافر أبوها إلى العاصمة الأمور تجارية، وتفاقم خوفها واضطرابها. ومع ذلك فأخوها مصطفى لا يزال خارج البيت، إن هذه أول مرة يتأخر فيها فلم يتعود أن يتركها وحدها، تری ماذا حدث له ؟ ماذا ألم به في هذا اليوم الماطر؟ يا لها من هذا القلق ! إنه يكاد يقتلها. استلقت على ظهرها، وحاولت أن تقنع نفسها بأنه ربما يكون قد ذهب إلى بعض أصدقائه في الحارة المجاورة فحالوا بينه وبين العودة إليها في الوقت المعتاد. فقد سبق له أن فعل ذلك قبل أن يسافر أبوه. وقامت تدور في الغرفة وهي تجهد نفسها من أجل أن تجد لتأخره سببا معقولا. أرهقها الصمت فازدادت دقات قلبها سرعة وقوة حين تشبثت برأسها فكرة رهيبة وهي أنه ربما يكون أخوها قد قتل أو اعتقل أو حدث له مكروه، فهل يعاقبها القدر مرة أخرى بأن تفقد أخا ليس لها سواه ؟! ولما كانت مسترسلة في مثل هذه الأفكار سمعت انفجارا هائلا، ولذلك سوف يبقى عند أصدقائه، ولن يخرج إلى الشارع ! - شعرت بالاطمئنان بعد هذا، فمدت يدها وأشعلت الضوء، فذهبت إليه مسرعة وفتحنه، وإذا بها تجد أخاها مكوما أمام الباب فاقد الوعي تقريبا. وهو يتدلي بين يديها، ويده قابضة على مسدس، وأخذت تمسح عنه الدماء ونزعت ثيابه فرأت الدَّم ينزف من جنبه أيضا، فاستبدت بها حيرة كبيرة، كان مصطفی قد ألقى قنبلة في خمارة ليلية، فقد أخذها دون أن يسمح له بذلك، بعد أن تمكنت أخته من سد الجرح وغسل الدم، فلم لا تبتسم هي للحياة؟ إذا كان للموت نداءخالد، فإن للحياة أيضا نداءها الخالد. وقبلته بين يديها، وقال وهو يشير إلى المسدس: وأغمض عينيه، وسقط رأسه على فخذيها. ماذا دهاك. وهنا سمعت دقا على الباب انحنت فوق أخيها،