يُعد الفصل الرابع (٢) دراسةً حول أنماط الهجرة والتوطين في المجتمعات المستحدثة، مُركزاً على المجتمع النوبي المصري كدراسة ميدانية مقارنة. تُبرز الدراسة الهجرة كأسلوب تكيف بشري قديم، مرتبطاً بنشوء وانهيار حضارات، مُوجهًا نحو موارد اقتصادية، أمن، أو فراغات سياسية/دينية/ثقافية. وتُشمل الهجرة العمالية الداخلية والخارجية، والاستيطان في مجتمعات مستحدثة. يُلاحظ في العالم العربي أنماط هجرة مُتعددة، مُتأثرة بعوامل مُتكاملة. فالهجرة القبلية، الساعية للموارد كالمياه والأراضي الخصبة، كانت سمةً بارزةً، كما في المجتمعات الصحراوية المصرية. أما الهجرة الإجبارية، فمثلها تهجير النوبة بسبب إنشاء السد العالي. كما ساهمت مشاريع تعمير الصحاري، واستثمارات النفط، في هجرات سكانية واسعة، مُغيرةً التركيبة السكانية للدول كالكُويت. أخذت الدراسات الاجتماعية اهتمامًا بالمجتمعات المُستحدثة الناتجة عن تطوير الإسكان، والاستثمارات الجديدة. يركز البحث على ثلاث أنماط مجتمعية: مجتمعات بدوية صحراوية تقليدية، مجتمعات مُستحدثة في مناطق نفطية، والمجتمع النوبي الجديد. يهدف البحث إلى مقارنة مُشكلات الهجرة والاستيطان في تلك الأنماط، وإبراز دور الدراسات الأنثروبولوجية في مواجهة هذه المشاكل، مع التركيز على الهجرة القبلية الموسمية كأسلوب للتكيف الأيكولوجي في المجتمعات البدوية الصحراوية، حيث تُعتبر الماشية أهم عناصر الثروة فيها.