مع اكتشاف النفط في إمارة أبوظبي عام 1962 ، طلبت الحكومة البريطانية تقديم مخططات لبناء مدينة أبوظبي»، حديثة وموسعة من شركتي بناء رائدتين بريطانيتين، هما: السير ويليام هالكرو وشركاه؛ كيركباتريك وشركاهما. وكانت الغاية بناء عاصمة خلابة في روح تصميمها - إن لم يكن في شكلها - مثل برازيليا، التي كانت قيد الإنشاء حينذاك في البرازيل. ومع أن هذه المخططات الباهظة الثمن لم تحظ بحماس يُذكر، فقد شكلت الأساس لمشروعات التطوير اللاحقة، مـن حيـث المساحة المخصصة للمدينة الجديدة، وعندما أصبح الشيخ زايد حاكماً للإمارة، أصدر أوامر بوضع مخططات أكثر طموحاً من سابقاتها. ولم يقبل المخطط الذي قدمته شركة هالكرو، والذي كان يتطلب إعطاء شركة البناء المنفذة صلاحيات مطلقة، والتخلي عن التحكم بالمشروع بعد منح الموافقة الأولية، وعدم وجود فرصة لتوسيع المشروع أو تطويره.وجد الحاكم الجديد في بناء مدينة فرصة سانحة لحل العديد من المشكلات الاجتماعية التي كانت تواجه الإمارة. ومن تجربة الشيخ زايد السابقة في مدينة العين، وكان يعرف تأثير الفقر المدقع في حياة مواطنيه، وظروفهم المعيشية السيئة في أغلب الحالات، وكيف أن حالة مرض أو حادث سيارة يمكن أن يتسبب في وفاة عدد منهم. وكانت رغبة الشيخ زايد في تحسين مستوى معيشتهم هي التي تملي عليه مهامه الأساسية. وعندما أصبح حاكماً، لم يأخذ بالنصائح التي قدمت له، بشأن التحرك ببطء في مشروعاته، والتفكير بعناية في تكلفة كل شيء كان مصمماً من البداية على مواجهة كل بند على أجندة أعماله: القضاء على الفقر، وتوفير الرعاية الصحية، ولكنها لم تعجبه، فقد دفعـت مبالغ طائلة للمهندسين المعماريين وشركات المقاولات فقط لكي يقدموا مظهراً غربياً خادعاً. أما أبوظبي فقد كانت تحتاج إلى بداية مختلفة: مخطط عمراني فريد يتلاءم واحتياجاتها الإنسانية، والمحافظة على روح المدينة كمدينة عربية. ولكن هذه الرؤيـة يجب أن تتحقق ضمن إطار نموذج غربي في الأساس ومخطط للبناء. وبالتالي كان يجب قبول هيكل المخطط الأساسي الذي وضعته شركة هالكرو، لأن وضع مخطط جديد كان سيستغرق وقتاً طويلاً جداً. وكان على مدينة أبوظبي الجديدة أن تحتفظ بالرؤية الأساسية التي تجمع بين الحداثة، وأن تصبح «ماكينة للمعيشة»، كما وعد المهندس المعماري السويسري شارل إدوارد جانيريه الذي كان يُعرف بلقب «لو كوربزييه» [وهو من أبرز المهندسين المعماريين في القرن العشرين]. التي ستغير حياتهم.كان يراد لأبوظبي أن تكون مدينة حديثة وتقليدية في آن معاً. فعلى سبيل المثال، كــان أحد أوجه العاصمة يتمثل في توفير عدد كبير من المساجد للسكان المسلمين. وهذا الجانب لم يكن مدرجاً في مخطط شركة هالكرو. وكانت المساجد الصغيرة في المخطط المعدل مختلفة تماماً في تصميمها العمراني وأسلوب بنائها عن البنايات المجاورة، وأصبحت محط اهتمام المدن والبلدان المجاورة، حيث أضفت طابعاً إنسانياً على بيئـة عمـرانيــة مـوحــدة.وخلف بنايات الشقق السكنية المطلة على الشوارع الرئيسية العريضة، وقام الشيخزاید خلال الفترة 1966-1971 بتطوير مبادئ للعمل، وقد تقيد بها طوال حياته. وبصورة مشابهة، فإن بناء مدرسة كان يعني أن الأطفال يمكن أن يتلقوا التعليم، ويمكن أن ينقلوا مهاراتهم إلى الجيل التالي. وكان لمبدأ إضافة قيمة للاستثمار الاجتماعي – مــاذا يمكن أن نفعل أكثر ؟ - تأثير لا يُقدر بثمن في بناء دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد تم تطبيق هذا المبدأ على الساحة الدولية، ولذلك، ومع أن مخطط العاصمة الجديدة كان قد اعتُمد، أرابيكــون»، الذي تعاقد معـه الشيخ زايد حديثاً. وكان المهندس المذكور جون إليوت قادماً من عمله في فنلندا والسويد، وكان مقتنعاً جداً بالأفكار والمفاهيم الاجتماعية السائدة في نمط التخطيط السويدي (الذي يعتمد على تمكين الناس). وبعد أكثر من أربعين عاماً على ذلك اللقاء،فيها المتنزهات العامة والمساحات الكافية، والـقـيـم القـرآنـيـة الـتـي تضمن حقوق الناس في بيئة نظيفة وآمنة . وكان في ذهني القيم المثالية ذاتها، وقد وفرت رسوماتي وتصاميمي له ما يريد».كان إليوت شاهداً نزيهاً على التزام الشيخ زايد بمبادئه، في كل مرة كانالشيخ زايد يرسم على الرمل بالعصا [لتعديل المخطط]. سألني في يــوم مــن الأيــام: «هــل تعتقد أننا يجب أن نعلم النساء؟»، ومدرسة للأولاد هناك. ثم تفصل منها المياه العكرة. وقمتُ أيضاً بلحم برميلي نفط فارغين مع بعضهما، وأخذنا الطحالب والأعشاب البحرية - حيث كان بيتنا على الشاطئ تماماً - ووضعنا الطحالب في البرميل الملحوم، وأضفنا لهـا براز طفل كمادة محفزة، ووضعنا مزيداً من الطحالب في الأعلى. وبعد حوالي أسبوعين كــان يمكنك أن تحصل من قاع البرميل على تربة جيدة فعلاً وصالحة للزراعة. وبذلك تمكنت من زراعة حديقة خضراء في وسط الصحراء. جاء صاحب السمو الشيخ زايد لرؤيتي في أحد الأيام، واعتاد السفر إليها كثيراً. وكان يحب النباتات والمساحات الخضراء. تابعت دراساتي العليا في فنلندا وإسكندنافيا. وقد تمتطوير هذا الأسلوب انطلاقاً من فكرة محاولة أن تكون متعاطفاً مع المشهد الطبيعي. كان الشيخ زايد يستخدم العصا في الرسم، وكان لديه قدرة فريدة في نقل الأفكار من رأسه إلى رسوم على الرمل. وكان بالفطرة يفهم مقياس الرسم والتجاور الجغرافي. ملفوفة وجاهزة، لأنه قد يتم استدعائي في أي لحظـة لأفتحها على السجادة في مجلس ما أو على كثيب رملي في مكان ما». من الصعب أن أصور السرعة التي كانت تحدث بها كل تلك الأشياء عــام 1966. وليس أسابيع». وكل شيء، مع أخذ ذلك الرقم في الحسبان». ولكن أُخذ في الحسبان إمكانية النمو والتوسع إلى ما وراء هذا الرقم.وكذلك تم إنشاء شبكة قنوات وأنابيب تحت الأرض لتوسيع إمدادات جميع الخدمات الأساسية. وقد ساند الشيخ زايد هذا التصميم الطموح، وفي عام 1969، قام الشيخ زايد باستبدال تلك الدائرة الصغيرة،في المدينة المنورة والرياض. ولكن مهمةً من نوع مختلف كانت تواجهه في أبوظبي.كان لدى صاحب السمو الشيخ زايد رؤية وأحلام. أراد أن يؤسس بيئة تسهل النمو الاقتصادي والروحي لشعبه. وكان لدى صاحب السمو الشيخ زايد أفكاره الخاصة حول كيفية تطوير المدينة في عام 1967 أمر بإدخال تعديلات على المخطط الأصلي الذي قام بإعداده تجمع من المكاتب الاستشارية البريطانية، وألغى نموذج الطرق المنحنية، وأشجار النخيل،10كما أفصح الحاكم عن آرائه بشأن بناء الشخصية الاجتماعية لمدينة أبوظبي الجديدة: وأعطى صاحب السمو الشيخ زايد تعليمات بوجوب التزام المباني الحكومية والخاصة في المدينة بالطابع العربي الإسلامي في التصميم. وشجع على إدماج القبائل المحلية من خلال إعطائها مناطق سكنية بحيث تكون قريبة من بعضها». وقال مخلوف إن الهدف من ذلك هو «المحافظة على التقاليد الثقافية. وكانت الخطوة الأساسية نحو المحافظة على استدامة هذه الأجواء التقليدية هي بناء السوق.12جميع الخبراء باستثناء الشيخ زايد . وأن يضع تصاميم الخدمات على أساس هذا الرقم التقديري الكبير.تم تطوير المخطط الأصلي الذي وضعه مخلوف،ولاحظ جون إليوت أن: هو فعلاًومرة ثانية نجد أن هذه الرؤية مشابهة للطابع الإسكندنافي: شوارع تسير بمحاذاتها صفوف الأشجار، ولكن كان عليه أن يزرع أشجاراً قادرة على البقاء وتحمل هذا المناخ الحار، 15كانت المشكلات الرئيسية التي تعترض أعمال البستنة هي الملوحة العالية في تربة أبوظبي، وكانت حديقة الشيخ زايد في العين مفيدة جداً لإجراء التجارب، ولكن الشجيرات والأشجار التي يمكن أن تنمو في المناطق الداخلية ( كالعين) غالباً ما يتضح أنها غير ملائمة للنمو في الشريط الساحلي. إلى محمية طبيعية، وفي الوقت ذاته كانت تُستخدم كمركز للتشجير وللأبحاث الزراعية التي يهتم بها الحاكم شخصياً.تضمنت المراحل الأولى من برنامج الزراعة استيراد التربــة العلـويــة واستخدام الأسمدة، ولكن كان هناك قناعة منذ البداية بأن هذا البرنامج سيخلق بيئة خضراء لا يمكن أن توجد بشكل طبيعي. عــلـى غرار النموذج الأولي الذي صممه إليوت،000 نسمة. ولها فوائد عديدة،