على بعد 279 كيلومتراً من مسقط. الواقعة غربي سلطنة عمان، عند نقطة التقاء حدود سلطنة عمان مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ناهيك عن تميزها بالكثير من المواقع الأثرية. هي الطفل الأول لوالدها المنحدر من قبيلة بني جساس العدنانية، التي يتصل نسبها إلى جساس بن مرة بن وهب بن شيبان بن بكر بن وائل، فلم تكتمل فرحة والديها، مصممين على أن يبثا فيها روح الإرادة والعزيمة، بدأ والداها رحلة الأمل للبحث عن علاج لطفلتهما، الأمر الذي أجبرهما على التكيف مع حالة شيخة، التي راحت تكبر رويداً رويداً، روضة الأطفال قررت والدتها أن تلحقها بروضة الأطفال التي كانت تحتضن معظم أقرانها من سكان الحي. وهكذا لم تشعر شيخة بأنها مختلفة عن الآخرين، وفي هذه الأثناء، كان والدها يريد لها إكمال دراستها النظامية في مدرسة ذات برامج خاصة بالمكفوفين، وواصل محاولاته، إلى أن تكللت بموافقة وزارة التربية والتعليم العمانية، على ابتعاثها إلى البحرين، لإتمام تعليمها الابتدائي والإعدادي في المعهد البحريني ــ السعودي للمكفوفين، وهذا المعهد، الذي يعتبر ثمرة من ثمار التعاون بين المملكتين الشقيقتين، بمدينة المحرق، قبل أن يـُنقل مقرها إلى مدينة عيسى عام 1991، وتهدف إلى مساعدة الأفراد المعاقين بصرياً، وتمكينهم من أن يعيشوا حياة مستقلة كريمة في المجتمع، من خلال التعليم والتدريب والتكنولوجيا. رحلة كفاح لتبدأ رحلة كفاحها وصمودها ضد الظلام. ووسط أناس لا تعرفهم، لأن الموضوع ارتبط في ذهنها آنذاك بالابتعاد عن الأهل والوطن والخلان، بمرور الوقت، والتعود على من حولها، وما يجري في بيئتها البحرينية، خصوصاً بعد أن تعلمت طريقة برايل، بدليل نجاحها في حصد لقب «أفضل قارئ»، تمثيل البلاد أخبرتنا شيخة أن تميزها في المعهد، أمدها بشعور أنها تمثل بلادها، فراحت تجتهد لتمثيلهما خير تمثيل، وهو ما تحقق بحصولها على نسبة 97 %، حيث تخرجت في يونيو عام 2004، وفي لحظة تخرجها، الذي كان بجانبها، وإنما رغبة منه في حصولها على نفس العلم الذي يتلقاه الأصحاء. وعليه، بعد أن أمضت في رحاب معهد المكفوفين تسع سنوات كاملة، كانت كفيلة ــ بحسب برامج المعهد ــ كي تندمج على إثرها في المدارس الثانوية العادية، ضمن الطلبة الأصحاء. مرتبة أولى وهكذا التحقت شيخة، بعد عودتها إلى وطنها، ورغم أن المدرسة لم تكن مهيئة لتدريس فتاة كفيفة، وشغفها بالعلم، وكانت النتيجة، أن استطاعت الحصول على المرتبة الأولى على القسم التطبيقي في الصف الثاني عشر بنسبة 94. بالالتحاق بجامعة السلطان قابوس في مسقط، مفضلة التخصص في اللغات، وخصوصاً اللغة الإنجليزية. لكن مرة أخرى، إلا أنها رفضت التحاقها بكلية اللغة الإنجليزية، لم تستسلم شيخة للأمر، إلى أن نجحت في إقناع المسؤولين بقدرتها على دراسة التخصص المرغوب، للتأكد من قدراتها. اطلاع دائم دعونا نقرأ ما قالته عن الصعوبات التي واجهتها في مرحلتها الجامعية: «كانت أبرز المشاكل، أو بأقراص سمعية، وقراءة الكتب والصحف والمجلات، وكل ذلك لا يتوافر دائماً على شبكة الإنترنت، كما أن النظر يساعد المترجم في تذكر تهجئة الكلمات باللغة الإنجليزية، ولكن مع افتتاح المعمل الخاص بذوي الاحتياجات الخاصة، انجلى الظلام بعض الشيء، راحت تبحث عن وظيفة، وتبرز مواهبها العلمية في خدمة وطنها، إلى أن وفقت في العثور على فرصة وظيفية تحت التدريب، لدى «هيئة تقنية المعلومات»، المعروفة بـ «عمان الرقمية»، حيث اكتشف مسؤولو الهيئة، فكان أن تغيرت نظرتهم إليها، وكتابة وترجمة المحتويات باللغتين العربية والإنجليزية، وإدارة الحملات الإعلامية والترويجية. لم يمضِ على عملها سوى عامين، والمجبولين على الشغف بأكثر من مجال، من أمثال شيخة، لا يستطيعون الاكتفاء بشهادة جامعية يتيمة، وصولاً إلى نيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال. أما لماذا إدارة الأعمال؟ فلأن لديها ــ بحسب قولها: «شغف كبير في مجال القيادة والإدارة والتطوير، وليس فقط في الجانب الوظيفي، هو ما حفزني لدخول هذا الجانب، فأرغب أن ينعكس هذا الإنجاز في أعمالي القادمة، ويمكنني من المساهمة في تطوير حياة ذوي الإعاقة، وانطلاقاً من هذا المفهوم، إلى أن نجحت عام 2017، لتقول بذلك للدنيا كلها، إنه «لا إعاقة بوجود الإرادة والطموح»، نشر التوعية تعمل شيخة، من خلال وظيفتها بهيئة تقنية المعلومات العمانية، وهذه الخطة، واحدة من المبادرات التي وضعتها الهيئة، لتسهيل وصول ذوي الإعاقة للمواقع الإلكترونية، والحصول على الخدمات الإلكترونية، بمن فيهم ذوو الإعاقة. كقطاع التعليم والصحة والنقل والاتصالات والإعلام، بحيث يمكن للكفيف من دخول المواقع، لتحديد المواقع على الخرائط. وأخيراً، سألت إحداهن شيخة، فأجابت دون تردد، وأنها باتت راضية وقانعة بوضعها. فقد ردت عليها قائلة: «إنه لشيء جميل، وأن الاختلاف الوحيد، مواهب متعددة تحدث الكاتب الكويتي يوسف عبد الرحمن، فذكر ضمن أمور أخرى، وفي حفظ القرآن، حيث حصلت على المركز الثاني في إحدى مسابقات القرآن الكريم، كما أنها تشق طريقها بثبات نحو الترجمة الأدبية. إنْ رزقكم الله بأطفال ذوي إعاقة، تقبلوا الأمر بصدر رحب، واعملوا كل ما في وسعكم، وأعطوهم الرعاية والفرصة، ولا تعزلوهم، واعملوا معهم في النور». تجربة وإحساس