في إحدى الممالك العظيمة كان هناك ملك وزوجته يعيشان بسعادة غامرة، لديهما من الأبناء أميرين وأميرة صغيرة، ومن المتعارف أن دوام الحال من المحال، كان أبوهم ملكا صالحا أخصل لرعيته فأخلصوا له، كان محبوبا من جميع وزرائه ومستشاريه علاوة على كل رعاياه، حزن الجميع لفراق الملكة لهم، كما حزنوا جميعا على حال الملك زوجها من بعدها فقد كان يحبها حبا جما، وعلى حال أبنائها الصغار. كان الملك أباهم يعوضهم عن حنان وعطف والدتهم، كانت تشعر بالنيران تأكل جسدها عندما ترى اهتمام أخيها بأبنائه، لذلك عمدت بيوم من الأيام خرج فيه الملك لتفقد أحوال وشئون مملكته وملكه نادت على الصغار دون أن تلفت انتباه أحد بالقصر إليها من خدم ومربين لهم. وكالأطفال العاديين يسهل الضحك عليهم بكلمات معسولات، ونظرا لأنها عمتهم كانوا يثقون بها ثقة عمياء، كانت تبث لهم السم داخل كلامها المعسول، سارت بهم لمسافات طويلة أصابهم بفضلها التعب الشديد وآلام بالأقدام وبالمعدة من شدة الجوع ومن شدة العطش، وكل ما يتوجب عليهم فعله هو النوم في سبات لكي يرون الجنيات فور استيقاظهم من النوم، وقد حملن معهن أشهى المأكولات لأجل أجمل الأطفال. لقد تركتهم لوحوش الغابة الضارية ليأكلوا عظامهم قبل لحومهم ونظرا لكونها أطفالا ففرص النجاة لهم معدومة كل العدم. ومن حسن حظها لم يراها أحد حين خروجها بالصغار ولا حين عودتها دونهم، وعندما عاد الملك من الخارج دعا صغاره لتناول الطعام سويا، لقد بحث عنهم الخدم بكل مكان داخل القصر الملكي وخارجه ولكن لم يستدل على وجود أحد منهم، خرجت معه كامل حاشيته من وزراء وأمراء ونبلاء وحتى عامة الشعب يبحثون عن مكان الصغار ليردوا عليه قلبه، مكث العديد من السنوات على هذه الحالة يبحث في مشارق الأرض ومغاربها رغبة في العثور عليهم وإخماد النيران المشتعلة بقلبه ولكن لم يعثر على دليل واحد يمكنه إيصاله إليهم. وأخته تراه ينهار ويذبل أمام عينيها وكأنها لم ترى ولم تسمع ولم تفعل شيئا، كان الجحود يملأ قلبها والسواد يغطي كل جزء به، لقد غابت الابتسامة من كل أرجاء المملكة والحزن عم على قلوب الجميع، والعمة في منتهى السعادة والفرحة لاستيلائها على حب أخيها بمفردها وبالملك من بعده. وللأطفال رب رحيم يحميهم من كل الشرور… كن يقمن طوال نومهم على رعايتهم وحمايتهم من كل الوحوش والحيوانات الضارية التي بالغابة المظلمة،