تتناول هذه القصة أسباب الاختلاف الكبير بين مسار تطور الولايات المتحدة والمكسيك بعد الاستقلال. ففي حين تبنت الولايات المتحدة دستورا حدد السلطة السياسية ووزعها، شهدت المكسيك اضطرابا سياسيا واسعا. يعود الفارق جزئيا إلى اختلاف السياقات التاريخية: استند دستور الولايات المتحدة على عملية تطور طويلة بدأت في جيمستاون عام 1619، بينما أثر الغزو النابليوني لإسبانيا على المكسيك، مخلقا أزمة دستورية. أدى ذلك إلى ظهور "دستور كادييز" الذي دعا إلى ملكية دستورية ومساواة أمام القانون، لكن النخب المكسيكية رفضته خوفا من فقدان امتيازاتها. أعلن أوغسطين دي إيتوربيدي استقلال المكسيك عام 1821، لكنه سرعان ما أصبح دكتاتورا، مما أطلق عصرًا من عدم الاستقرار السياسي شهد أكثر من 50 رئيسًا بين عامي 1824 و 1867. في المقابل، على الرغم من عيوب دستور الولايات المتحدة الأولية، مثل قيود حق التصويت ومسألة الثلاثة أخماس المتعلقة بالعبيد، إلا أنه سمح باستيعاب الصراعات بين الولايات الشمالية والجنوبية بشكل أفضل مما حدث في المكسيك. أدى عدم الاستقرار السياسي المكسيكي إلى ضعف الدولة، وعدم أمن الملكية، وعرقل التنمية الاقتصادية، خلافا للولايات المتحدة التي شهدت نمواً اقتصادياً خلال هذه الفترة. باختصار، يرجع التباين في مسار البلدين إلى اختلاف جذري في بناء مؤسساتهما السياسية وإدارتها للصراعات الداخلية، مما أدى إلى ازدهار الولايات المتحدة بينما غرقت المكسيك في دوامة من عدم الاستقرار.