النمل، وتستغفرك لما لا تعلمه .ولم يحكم في كل هذا بردة فاعله، وإيثاراً للمنافع الدنيوية من مال أو جاه، ولكى يتضح الموضوع أكثر يحسن أن نذكر هنا جملاً من الكلام على ذات الله وصفاته، وأفعاله، وعباداته مبينين كيف يكون التوحيد، وكيف يكون الشرك والكفر فيها. ومحاولة إدراك كنهها، ومعرفة حقيقتها، ولا تدركه الأبصار، إن مدى ما تصل إليه العقول، والله ليس كمثله شيء، والمادة المعروفة لدى الإنسان، وهو الخالق لها سبحانه وتعالى، كما لا يكون شبيهاً له بحال من الأحوال. ولهذا كانت عقيدة المؤمن في ذات الله تعالى أنها ذات مقدسة لا تشبه الذوات، موصوفة بصفات عليا لا تشبه تشبه ! الصفات، ووصف نفسه بصفات عليا، ونتوسل إليه بصفاته العليا، فيسمعنا،هذه عقيدة المؤمن في ذات الله تعالى فمن شبه ذات الله تعالى بذات المخلوقين، أو تكلم فيها بما لا علم له من كتاب الله، وسنة رسوله ، فقد كفر وأشرك. ب ) صفات الله تعالى وأسماؤه:إن الله تبارك وتعالى وصف نفسه في كتابه، وتعبد المؤمنين بالإيمان بها، ويوصفه بها توسلاً إليه وتقرباً، وسمى نفسه تعالى بأسماء حسنى، فوجب الإيمان بذلك وقبوله، وإطلاقه عليه تعالى على ما هو مراده منه، فمن نفى عنه ما وصف به نفسه، و سماها به من أسماء فقد كفر،عقيدة المؤمنهو يتردد في ذلك بين تكذيب الله تعالى والكذب عليه، وكليهما كفر شنيع وظلم عظيم!ومن أول تلك الصفات الإلهية العليا رائماً (1) تنزيهه تعالى، فقد أخطأ، وجهل، وتكلف ما لم يكلف به، وفعل ما لم يؤمر به. وكتأويل مجيئه تعالى لفصل القضاء بمجيء أمره، أو ملك من ملائكته فراراً من وصف الله تعالى بالتحول والانتقال الذي تبادر إلى أذهان المؤولين وكتأويل استوائه تعالى على العرش بالاستيلاء قراراً من وصف الله تعالى بالاستواء على عرشه وكتأويل صفة العلو بالقهر قراراً من وصف الجهة والتحيز، إلى غير ذلك من التأويل الذي عرف به أكثر علماء الخلف، ولم يعرف به أحد من علماء السلف.وبيان ذلك :أولاً : أن المؤول لم يرض الله تعالى ما رضيه له أعرف الناس به وهو رسوله . ويأثم تاركه، غير أنه لما لم يأذن الله تعالى به كان فعله خطأ وتكلفاً مذموماً محرماً، لما فيه من معنى الاستدراك على الله تعالى وعلى رسوله . وخوفاً منه قد جهل حقيقة عظيمة هي استحالة وجود أى شبه بين صفات الله تعالى وصفات عباده ؛ إذ لا شبه بين صفات الخالق وصفات المخلوق أبداً، وأنه أحد، ولا كفؤ له،