S1 - مدخل إلى الإقتصاد المحاضرة الأولى: موضوع علم الاقتصاد. علم الاقتصاد (economics) هو فرع من فروع العلوم الاجتماعية و هو العلم الذي يهتم بمشكلة الموارد النادرة أو المحدودة واستعمالها على نحو يسمح بالحصول على أكبر إشباع لحاجات المجتمع غير المحدودة. و بعبارة أخرى علم إدارة الموارد المحدودة لتلبية حاجات غير محدودة. فموضوعه هو الثروة الاجتماعية من جهة، وسلوك الإنسان الاقتصادي من جهة ثانية. مصطلح اقتصاد: لغوياً يعني التوسط بين الإسراف والتقتير (جاء في مختار الصحاح: "القَصْدُ بين الإسراف والتقتير يقال فلان مُقْتِصدٌ في النفقة. يهتم علم الاقتصاد بأحد وجوه النشاط الإنساني في العالم، وهو النشاط الاقتصادي الذي يشتمل على جميع تصرفات الأفراد التي تتصل بكل من الإنتاج والتوزيع و الاستهلاك التبادل، وما يتفرع عنها من ظواهر اقتصادية مثل التنمية والدخل والادخار والاستثمار والتضخم والدورات الاقتصادية والبطالة وغيرها. النشاط الاقتصادي واحد من أهم جوانب السلوك الإنساني العام. ووحدة شخصية الإنسان تؤدي إلى انعكاس الأوضاع الاقتصادية في مختلف المجالات القانونية والسياسية والفكرية للمجتمع. ولهذا فقد عدَّ كارل ماركس [ر] Karl Marx البنيان الاقتصادي للمجتمع الأساس الذي تستند إليه جميع البنى الفوقية من قانونية وسياسية واجتماعية. حتى المعارضون لفكره لا ينكرون أن التطور الاقتصادي يمثل وجهاً من وجوه التطور في التاريخ لابد له من أن ينسجم مع الوجوه الأخرى، وبذلك فإن تحليل المجتمع لا يمكن أن يكون تاماً إذا استبعد الجانب الاقتصادي من التحليل، كما أن دراسة الجانب الاقتصادي للمجتمع لا تكون كاملة إذا استبعدت الجوانب النفسية والسياسية والقانونية والاجتماعية من الدراسة أيضاً. وإذا أردنا أن نعرف علم الاقتصاد لوجدنا ان كل مجموعة من علماء تركز في تعريفها لهذا الأخير على جانب معين ، وسنوضح بعض هذه التعاريف فيما يلي: الاختيار ، والندرة في المفهوم الاقتصادي تعبر عن ندرة الشيء بالنسبة للحاجة إليه، أو الطلب عليه، وبعبارة أخرى تعبر عن العلاقة بين الرغبات الإنسانية غير المحدودة وبين وسائل إشباع هذه الرغبات المحدودة ، وبالتالي فان ندرة هذه السلع والخدمات التي تشبع مختلف الرغبات الإنسانية، تعود إلى ندرة الموارد المحدودة التي تساهم في صنع هذه السلع، وهذا ما يعبر عنه في لغة الاقتصاد بالمشكلة الاقتصادية التي تنشأ من وجود حاجات متعددة للبشر ، وموارد محدودة لإشباع هذه الحاجات. فالإنسان يحتاج إلى العديد من الحاجات والخدمات المتعددة ، والتي لا يمكن حصرها لإشباع رغباته المتزايدة، والتعليم والصحة والمواصلات الى غيرها من الحاجات المتعددة، وهناك وسائل صالحة لإشباع هذه الحاجات يطلق عليها اسم الموارد، وهي كذلك متعددة ومتنوعة، الخدمات (طبيب ، وهكذا فالنظرية الاقتصادية قد نشأت عن افتراضات أساسية عن كيفية تصرف الإنسان في مواجهة مشكلة الندرة ، وفي استجابته للتغير. ولما كانت الموارد الإنتاجية التي تستخدم في إنتاج السلع محدودة فان السلع والخدمات تعتبر أيضا محدودة، وعلى العكس من ذلك فان رغبات الإنسان واحتياجاته غير محدودة في الواقع، وعلى هذا الأساس يهتم علم الاقتصاد بالأفراد وما يقومون به من اختيارات، وبالتالي فوحدة التحليل هي الأفراد. مثل الشركات واتحادات العمال، والحكومات، ومع ذلك تظل اختيارات الأفراد هي التي توجه هذه المنظمات، ولذلك فان دراسة المنظمات الجماعية تتطلب اهتماما بمدى تأثر هذه المنظمات عند اتخاذ قراراتها باختيار الأفراد. حيث أن جانبا كبيرا من علم الاقتصاد يدور حول كيفية قيام الأفراد بالاختيار عندما تكون البدائل المتاحة لهم محدودة. وتكلفة عناصر ، كذلك هي الاختيارات المتعلقة بالإنفاق والمتاحة لصناع القرار السياسي ، مثلا: ( متى يستيقظ من النوم، وماذا يتناول في وجبة الفطور، وكيف يذهب إلى العمل وماذا يشاهد من برامج تلفزيونية )وهذه الاختيارات الاقتصادية تتعلق باستخدام موارد نادرة (الوقت والدخل) وهذا يتعلق بجميع الأفراد، ويبدوا واضحا أن أهم الاقتصاديين الذين أولوا عناية بفكرة الاختيار في موضوع الاقتصاد ، robbins "إذ يحدد منشأ هذه الفكرة بالنظر إلى الغايات والوسائل التي تضعها الطبيعة تحت تصرفهم، كما أن علم الاقتصاد بالنسبة إلى روبنز يرجح أن الموارد الطبيعية الموجودة تحت تصرف الأفراد محدودة، في حين أن حاجاتهم متعددة، الأمر الذي لا يسمح بالوصول إلى إشباع كامل لجميع هذه الحاجات ، وعلى هذا الأساس فقد خلص ليونيل روبنز إلى القول بإجراء عملية مفاضلة بين هذه الغايات المختلفة والقيام بعملية اختيار لتحقيق اكبر منفعة ممكنة، وتجدر الإشارة أن هذا التعريف يسترشد به الكثير من الاقتصاديين، إلا انه يركز على أهمية الاختيار في حل مشكلة ندرة الموارد، كما انه لا ينظر إلى سلوك الإنسان في الحياة، و إنما يعتبر علم الاقتصاد علما منطقيا مجردا يقوم على المنطق ، وهو ما يخالف الواقع في الكثير من الحالات. 2- علم الاقتصاد هو علم الثروة: يرى فريق من الاقتصاديين بان موضوع علم الاقتصاد يبحث في الثروة، كما أن الثروة بالنسبة لديهم هي الذهب والفضة وبقية المعادن النفيسة الأخرى ، والثروة هي أهم ما يحقق قوة الدولة، وقد عرف الاقتصادي الانجليزي الفرد مارشال الاقتصاد " بأنه دراسة أحوال البشر فيما يتعلق بالشؤون العادية لحياتهم" فالاقتصاد عنده يدرس الثروة وجزء من دراسة الإنسان في حياته العادية. كما انه يقسم الاقتصاد إلى ثلاثة محاور أساسية: هي الإنتاج ، والتوزيع، والاستهلاك. إن تعريف الاقتصاد من خلال الثروة لم يسلم من النقد، في حين انه توجد إلى جانب هذه الأموال المادية الخدمات التي تتجسم في شيء مادي، ولها مع ذلك منفعة قيمية عظيمة كالخدمات التي يقدمها الأستاذ والطبيب، والمحامي. الخ، ومن ناحية أخرى فلهذه الخدمات ثمن مقابل شانها شان سائر السلع الأخرى، 3- علم الاقتصاد هو علم الرفاهية الاقتصادية: يعرف بيغو pigou الاقتصاد " بأنه العلم الذي يدرس الرفاهية الاقتصادية، وعلى هذا الأساس يمكن قياس الرفاهية الاقتصادية لمجتمع ما ، بمدى تدخل الدولة في دعم الاقتصاد من خلال السلع، الذين يجدون صعوبة ولأسباب معينة في تلبية احتياجاتهم الرئيسية. والرفاه على هذا الأساس أسلوب لمعالجة المخاطر التي يواجهها الأفراد أو الناس على مدار حياتهم، العجز، فقدان العمل) وتتباين خدامات الرفاه بين دولة وأخرى، غير أنها تقوم على تقديم المعونة في مجالات التعليم، والرعاية الصحية و الإسكان، ومساندة الدخل والعجز والبطالة، والتقاعد. كما تختلف مستويات الإنفاق على خدمات الرفاه، حيث أن أنظمة الرفاه تبلغ مرحلة متقدمة في بعض البلدان، وتخصص لها نسبة عالية من الميزانية الوطنية، إذ يمثل الإنفاق على خدامات الرفاه في بلد مثل السويد أكثر من 50% من إجمالي الناتج الوطني، ومن هذا المنطلق فان الرفاه يعد حقا يتمتع به الجميع بصرف النظر عن مستوى الدخل أو المنزلة الاقتصادية للمواطنين، فإنها تتاح لبعض الأفراد الذين يتأكد استحقاقهم للمساعدة بناء على ما لديهم من دخل أو مدخرات، وهناك نشاط حول مراجعة تقديم خدمات في أكثر المجتمعات الصناعية بين من يطالبون بضرورة رصد المخصصات المالية لمنافع الرفاه من جهة ، وبين من يرون اقتصار الدعم على احتياجات الأمان الاجتماعي لمن لا يستطيعون تلقي المعونة من أية مصادر أخرى. تتفاوت خدمات الرفاه في الدول الصناعية المتقدمة بين النسق الديمقراطي الاجتماعي، والمحافظ اليبيرالي. أما في المجتمعات النامية والأقل نموا فان المعونة الاجتماعية تتركز بدرجات متفاوتة ، على تقديم المعونات النقدية أو الخدمات الأساسية المتصلة بالتعليم والصحة والإسكان. 4- تعريف علم الاقتصاد من خلال العلاقات الاجتماعية المرتبطة بالإنتاج. وفقا لهذا التعريف يتحدد موضوع علم الاقتصاد بدراسة العلاقات الاجتماعية المرتبطة بالإنتاج والتوزيع ، وفي هذا الصدد يعرف الاقتصادي السوفيتي نيكيتين Nikitine الاقتصاد" بأنه علم تطور العلاقات الاجتماعية للإنتاج، وان هذا العلم يكشف القوانين المهيمنة على إنتاج وتوزيع السلع المادية في المجتمع البشري ، ووضع مختلف الفئات الاجتماعية وعلاقاتهم المتبادلة ، وأشكال توزيع المنتجات". إن التطرق إلى علاقات الإنتاج في نطاق الاقتصاد أو المصنع يقودنا بطريقة أو بأخرى إلى تعريف التنظيم كنسق اجتماعي له حدود يحافظ عليها، ويسعى لتحقيق هدف أو مجموعة أهداف محددة،