الوسطية والتوازن الوسطية هي: إعطاء كل جانب ما يستحقه دون زيادة أو نقصان، والتوازن غير التساوي، فالتساوي مثلا أن يعطي الطالب كل مادة من المواد نفس القدر من الجهد والوقت، أما التوازن فهو أن تعرف كم يلزم كل مادة من الجهد فتعطيها إياه. يقول سبحانه وتعالى و إنا كل أي بقدر مناسب، فنسبة اليابسة إلى الماء على وجه الأرض وهي 29: 71 نسبة متوازنة تحقق أفضل الظروف لازدهار الحياة. • وهذا التوازن أيضا بين الكائنات الحية، فنسبة تكاثر الكائنات الحية متوازنة، أما الإنسان فنسبة تكاثره أعلى، وأعلى من ذلك تكاثر ما يتغذى عليه الإنسان من حيوانات وطيور فقال تعالى { والسّماء رفعها ووضع الميزان " ألا تطغوا في الميزان ؛ وذلك مثل: فالدنيا محدودة، ونسبة النهائي إلى اللانهائي هي صفر، أمـا حـين تتعارض فيجب أن تقدم الآخرة في 100% من الحالات، أما الحياة الغربية المعاصرة فقد أعطت الدنيا كل شيء، ولم تعط الآخرة شيئا، وأما بعض الأديان الأخرى فقد حرمت الإنسان من كثير من الدنيا، فحرمتهم إشباع الغريزة الجنسية، ورأت أديان وفلسفات أخرى أن تعذيب الجسد يسعد الروح. 2. وازن بين الروح والجسد والعقل فأعطى كل جانب ما يستحقه، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) ، وإن لزوجك عليك حقا) 3. وازن في المشاعر بين الخوف من الله تعالى والرجاء في رحمته، 4. وازن في نظامه السياسي بين سلطة الحاكم وسلطة الأمة، فللأمة تعيين الحاكم، وعليه الالتزام برأي أغلبية أهل الحل والعقد، ولها مراقبتـه ومحاسبته وعزلـه إن أساء، وللحاكم حـق النصـح والسمع والطاعـة فـي المعروف. فلا تطغى ملكية الدولة كما في النظام الشيوعي، حيث فقد الناس ملكياتهم وأصبح كل شيء للدولة، ولا تطغى الملكية الفردية كما هو الحال في النظام الاقتصادي الغربي الرأسمالي، بما يصاحب ذلك من احتكار وتركز للثروات في أيدي الأغنياء. 6. وازن في نظامه الأسري بين أفراد الأسرة، فكل من الرجل والمرأة والأولاد له حقوق وعليه واجبات متوازنة. وبين كبتها، أما كبت هذه الدوافع والغرائز فإنه يقتل الطموح والإبداع والابتكار والتقدم، 8. وازن بين الثبات والمرونة ، فالثقافات إما أن تبالغ في الثوابت فتصبح جامدة، كما حدث للمسيحية في أوروبا في القرون الوسطى، فتفقد الاستقرار الذي تحتاجه المجتمعات في عقائدها وتشريعاتها وأخلاقها. وأما الإسلام فقد أنزله الله سبحانه ثابتا فيما لا يحتاج إلى تغيير في المستقبل، ومرنا في الأمور التي يعلم الله تعالى أنها ستتغير. فمن الثوابت في الإسلام قضايا العقيدة، وأن الإيمـان شـرط لصحة العمل وقبوله، وأن التحليل والتحريم الله وحده، وأن الناس سواسية لا يتفاضلون إلا بالتقوى، وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وأن الزواج مشروع والزنا حرام، وأما الأمور المرنة في الإسلام فهي كثيرة، ولكن ليست المرونة أن نغير في الإسلام ما نشاء، نقلل من هذه المرونة، وأما الأمثلة على الجمع بين الثبات والمرونة فهي كثيرة أذكر منها: وما هو قطعي الثبوت ظني الدلالة، ومن السنة ما هو ظني الثبوت، وهذا يفتح المجال أمام العلماء أن يبذلوا الجهد في الحكم على صحة الحديث، ب- الشورى، لأن الله تعالى لا يخطئ حتى يأتي الناس ليعيدوا النظر في حكمه سبحانه. ومع ذلك فلم يحدد الإسلام التفصيلات الدقيقة للشورى، ولا كيفية انتخابهم، ولا مدة معينة للمجلس، فلا عبادة إلا بما أمر الله تعالى، فليس لإنسان أن يخترع عبادة من عنده، وفيها شيء من المرونة في طريقة التطبيق، فشرع فـي الصـلاة القعود لغير القادر والتيمم والجمع والقصر، والفطـر فـي السفر. وأما في المعاملات المالية فقد جعل سبحانه بحكمته الأصل فيها المرونة، فكل معاملة مالية مباحة، إلا ما كان فيها شيء من الربا أو الغش أو الاحتكار أو ما شاكل ذلك، ومن هنا استطاعت المؤسسات المالية الإسلامية كالمصارف الإسلامية وشركات التأمين الإسلامية أن تعمل وتنجح في ظل أساليب حديثة، لم تكن تخطر على بال أحد في العصر النبوي. د- العقوبات فيها عدد قليل ثابت كالحدود، وأما أكثرية العقوبات فهي مرنة، وتسمى التعزير، ويمكن للأمة الإسلامية في كل عصر أن تختار منها ما تراه مناسبا. لأنه أمر يحتاج إلى علم دقيق بكل ما في الكون من إنسان وحيوان ونبات ومواد، فأنى للإنسان أن يصل إلى ذلك، إنه شيء لا يقدر عليه إلا الخالق سبحانه وتعالى.