ومن أبرز هؤلاء الزعماء عماد الدين زنكي الذي ما إن استقر في إمارة الموصل سنة ٥٢١ هـ / ۱۱۲۷ م حتى أحد سلطان ونفوذ الفرنجة يتداعى فقد كانت سياسته تهدف إلى تكوين جبهة إسلامية متحدة قوامها الجزيرة (العراق) والشام ومصر، ليتمكن بها من الوقوف في وجه الصليبيين، فدعا إلى توحيد جهود المسلمين، وحشد قواهم لقتال الصليبيين وطردهم من أرض المسلمين، فوضع بذلك أساس حركة الجهاد ضد الفرنج. ولم يكتف عماد الدين زنكي بالقول، فعمل على ضم الإمارات والمدن المحاورة والقلاع الكردية القريبة إلى إمارته (الموصل) وبسط نفوذه عليها وأخضعها لسيطرته، فضم إليه جزيرة ابن عمر، ثم سار إلى نصيبين، تمكن من ضمها إلى سلطانه ، ثم اتجه إلى سنجار فقاتله أهلها، ولكن أهلها ما لبثوا أن دخلوا في طاعته وسلموا إليه المدينة، ومن سنجار بعث بمقاتليه الى الخابور فملكه، ثم سار إلى حران ، وكانت الرها وسروج ومدن أخرى من ديار الجزيرة في أيدي الصليبيين، الذين ساموا أهل هذه المدن الكثير من العذاب ، فلما سمعوا بمقدم عماد الدين زنكي، واستحثوه على سرعة الوصول إليهم، فجد عماد الدين زنكي في السير مع جنوده،