فقال له عبد الله: ما كان عليك لو قلت: فعولين؟ فقال الفرزدق: لو شئت أن أسبح لسبحت ونهض فلم يعرفوا مراده، فقال عبد الله: لو قال فعولين لأخبر أن الله خلقهما وأمرهما،ثم تدرج الأمر بعبد الله إلى إعنات الفرزدق في شعره نفسه إذ عابه في قوله:وعض زمان يابن مروان لم يدع.فقال له: بم رفعت "أو مجلف"؟ فقال له: بما يسوءك وبنوءك،مستقبلين شمال الشام تضربنا.على عمائمنا يلقى وأرحلنا. على زواحف تزجي مخها رير(5)وقال: أما وجد هذا المنتفخ الخصيين لبيتي مخرجا في العربية؟ أما لو أشاء لقلت:على عمائمنا يلقى وأرحلنا. على زواحف نزجيها محاسيرفقال عبد الله: عذره شر من ذنبه، والصواب: مولى موال توفي سنة 117هـ.2- عيسى بن عمر الثقفي البصري:هو أبو عمر مولى خالد بن الوليد، نزل في ثقيف فنسب إليهم، أخذ عن ابن أبي إسحاق وغيره، استودعه بعض أصحاب خالد القسري والي العراق لهشام بن عبد الملك وديعة، فلما نزع خالد عن ولاية العراق وتقلدها يوسف بن عمر الثقفي استدعاه من البصرة لأخذ الوديعة فأنكرها ولما اشتد عليه ضرب السياط جعل يقول: "والله إن كانت إلا أثيابا في أسيفاط قبضها عشاروك"(7)،بن هبيرة الفزاري أمير العراق من قبل خالد بن عبد الله،وقد لزمته علة من ذلك الضرب بقية حياته، وهو صاحب الكتابين المشار إليهما سابقا.3- أبو عمرو بن العلاء: (9)هو زيان بن العلاء بن عمار المازني التميمي، قال ياقوت: "واختلف في اسمه على أحد وعشرين قولا، والصحيح أنه زبان لما روي أن الفرزدق جاء معتذرا إليه من هجو بلغه عنه،هجوت "زبان" ثم جئت معتذرا .من هجو "زبان" لم تهجو ولم تدعفاعتذر إليه الفرزدق وامتدحه بمقطوعة منها قوله:ما زلت أفتح أبوابا وأغلقها حتى أتيت أبا عمر بن عمار(10)أخذ النحو عن نصر بن عاصم وغيره واشتهر بالقراءات والعربية وأيام العرب ولهجات القبائل.ومن الطريف لهذه المناسبة أن عيسى بن عمر جاءه متعجبا من تجويزه "ليس الطيب إلا المسك" بالرفع، فقال له أبو عمرو: نمت يا أبا عمر وأدلج الناس، ثم أرسلا اليزيدي وخلفا الأحمر للتثبت من العرب، فكان كما أخبر أبو عمرو، فأخرج عيسى خاتمه من يده وقال: ولك الخاتم، ذلك أنه لما تنسك أحرقها وتفرد للعبادة، توفي رحمه الله في الكوفة عائدا من دمشق سنة 154هـ.