إن عصرنا الذي نعيشه له سماته وأدواته التي يمتاز بها عن غيره وإن مما يميز عصرنا الحاضر؛ ذلك التقدم والتطور الهائل والسـريع في تكنولوجيا الاتصالات، حتى غدا العالم يركض وراء كل جديد؛ ليتابع المستجدات في كل لحظة يعلن فيها عن ميلاد فجرٍ جديدٍ في عالم الاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات. لقد أصبحت وسائل الاتصال سلاحًا له شأن بين الدول الشعوب والثقافات لقدرتها على البناء والهدم للعقول والمجتمعات بأسرها. ولو اقتصرت تلك الوسائل على مد البشرية بما تحتاجه من سبل التواصل وتعزيز قيم الخير؛ لكفت الكثيرين عناء البحث و التحري عن مآل العالم الذى بات أسيرًا لهذه التكنولوجيا، وذلك لسيرها في مسارٍ لا يختلف عليه اثنان، ولكن السيطرة على تلك التكنولوجيا، وتوجيهها وجهات متباينة من قِبَل الغرب ومؤسساته، أو من قِبَل دوائر في الشـرق - جعلت هذه التكنولوجيا مطيةً ذلولاً لتوجهاتها- أثار الكثير من الجدل والقلق على حاضر ومستقبل المجتمعات المستهلِكة والمستقبِلة لهذه التكنولوجيا – خاصة - في المجال الثقافي. ذلك المجال الذي تظهر فيه أيديولوجيا المستخدم وقيمه ومبادئه؛ ونظرًا لأن المسلمين في هذا الميدان هم المستقبلون لهذا الوافد الجديد، كان لابد من بيان الأثر الناتج عن العلاقة بين الثقافة الإسلامية وتلك الوسائل التكنولوجية الحديثة، وهذا هو هدف البحث. حيث يحاول البحث رسم صورة الواقع عن تلك العلاقة، وآثارها، ويتطلع إلى المستقبل، متنبئًا بما تحمله الأيام من مخاطر، أو فرص للثقافة الإسلامية مع تكنولوجيا الاتصالات الحديثة. ومن ثم سوف يجيب البحث- بإذن الـلـه تعالى- عن الأسئلة الآتية: ما معنى الثقافة وما خصائصها؟ وماذا تعنى تكنولوجيا الاتصالات الحديثة؟ وما خصائصها؟ ما الآثار السلبية لتكنولوجيا الاتصالات الحديثة على الثقافة الإسلامية ؟ ما الآثار الإيجابية لتكنولوجيا الاتصالات الحديثة على الثقافة الإسلامية ؟ إن الإجابة على هذه التساؤلات تمثل إطارًا للبحث، وبيانًا للعلاقة المُثلى التي ينبغي أن تكون عليها علاقة الثقافة الإسلامية مع تكنولوجيا الاتصالات الحديثة، كما تبين سبل توظيف هذه التكنولوجيا للحفاظ على الهُوِيَّة الإسلامية. لقد حدث تَغَيُّرٌ في العالم الحديث بسبب تكنولوجيا الاتصالات الحديثة سياسيًّا، واقتصاديًا، وثقافيًا، وحتى يصير أبناؤها شركاء في صنع الحضارة الحديثة كان عليهم أن يتجاوبوا مع أدواتها، ولكن بما يضمن لهم بقاء هويتهم واستقلاليتهم وذاتيتهم، ويجنبهم شر الذوبان في الآخر- خاصة - إذا كانت ثقافتهم تحتوى في مضمونها على عوامل البقاء والنماء، وتمتاز عن غيرها بمكوناتها ومصادرها وخصائصها ومن هنا جاء البحث مكونًا من تمهيدٍ، ومبحثين، وخاتمةٍ، وتوصياتٍ للباحث، ثم المراجع والفهارس .