وإن من نعمة الله  على عباده ما سخر لهم من التقنيات النافعة في كافة المجالات، وصار الواحد يحمل في يده جهازاً في حجم الكف يختزن عدداً هائلاً من المعلومات، وقد قفز الجوال منذ ظهوره إلى يومنا هذا قفزات هائلة، ثم أنشأت الأبراج لتغطي المساحات، ونقل إلى أكف المستخدمين، ظهرت تقنية الجيل الأول، الذي سيكون مع غيره في بيئة مندمجة تترابط أوساط البث التلفزيوني، وكذلك بث الجوال، وكذلك شبكة نسيج العنكبوت لتندمج في بيئة واحدة، إن هذا التقدم الخطير في البشر إذا استعمل في مباح وفيما شرعه الله نعمة عظيمة، وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌسورة إبراهيم34. يتصل الإنسان على البعد بقريب، والواجب نحو المنعم شكره على هذه النعمة، وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ سورة إبراهيم7. فقال: لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ فهذا وعده، وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ فهذا وعيده. لقد أمر تعالى عباده بشكره والاعتراف بفضله، فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِسورة البقرة152. إن الشكر يدفع العذاب، مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا سورة النساء147. الشكر اعتراف بنعمة المنعم على وجه الخضوع، وعكوف القلب على محبته، والجوارح على طاعته، فشكر القلب اعترافه بنعمة المنعم، ومن شكر الله على هذا بالقلب: محبته على ما أنعم، وشكره باللسان: تعداد هذه النعم، وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْسورة الضحى11. وأما بالجوارح: فأن تستعمل هذه النعم في طاعته، اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ سورة سبأ13. هذا الشكر العظيم بأن تستعمل إذاً فيما شرعه ، من إعزاز دينه ونشر هذا الإسلام الذي أنزله، وكذلك فعل ما أمر به من أعمال البر والصلة. وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِسورة النحل53. ولذلك قال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَسورة الصافات96. ولذلك لا يغتر العبد مهما بلغ من الغاية في الاختراع، ويستكبر في الأرض بغير الحق، حتى وصل الأمر إلى هؤلاء الفجرة الكفرة بأن يتحدّوا ربهم بسفن اخترعوها، كما حدث في سفينتهم الكبيرة في القرن الماضي عندما تحدوا عند انطلاقها ربهم أن يغرقها، وقال قبطانهم عشية إبحارها، وأن لا يقدر على أن يغرقها كما نطقت صحافتهم بذلك، فقدر الله  على هذه السفينة اصطداماً بسيطاً في أحد جوانبها بطرف جبل جليد فاجأها، وهي تسير بسرعتها التي اغتروا بها، وفي أقل من ثلاث ساعات انشطرت وغرقت وغرق معها أكثر من ألف وخمسمائة إنسان. وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَسورة الزمر67. يقولون اليوم: نقلنا النصوص والصور والأفلام، نقلنا الصوت والنص والصورة من مكان إلى مكان، رصدنا الكواكب والأفلاك،