تشهد العلاقات الفرنسية الجزائرية أخطر مراحلها منذ استقلال الجزائر، حسب المؤرخ الفرنسي بنيامين ستورا. سبب الأزمة الرئيسي هو اعتراف فرنسا في يوليو 2024 بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهو ما اعتبرته الجزائر انقلابًا في السياسة الفرنسية. هذا القرار أدى لسحب السفير الجزائري من باريس لمدة 8 أشهر. المغرب يعتبر الصحراء جزءًا لا يتجزأ من أراضيه، وقدّم مقترح حكم ذاتي عام 2007، بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو. نجح المغرب دبلوماسيًا مؤخرًا، فقد اعترفت به الولايات المتحدة (2020)، إسبانيا (2022)، وإسرائيل (2023)، ثم فرنسا (2024). دعم الجزائر للبوليساريو نابع من أيديولوجيتها المناهضة للاستعمار، وخوفها من تعزيز نفوذ المغرب، واستخدامها للبوليساريو كأداة ضغط. انحياز فرنسا ضربة قاصمة للبوليساريو، ويعزز مقترح الحكم الذاتي المغربي. رغم محاولات احتواء الأزمة، تبقى القضية الصحراوية عائقًا، خاصة مع تصاعد الخطاب الوطني في الجزائر الذي يرى في الموقف الفرنسي خيانة. اختيار فرنسا للمغرب نابع من عدة عوامل: تحالف المغرب مع الغرب، التعاون الأمني، المصالح الاقتصادية الضخمة (عقود بقيمة 10 مليارات يورو)، تراجع النفوذ الجزائري وصراعاتها الداخلية، ونجاح المغرب في الحصول على دعم دولي لمقترح الحكم الذاتي. رغم الخسارة المؤقتة، تحاول فرنسا الحفاظ على جسور مع الجزائر، لكن الأولوية للمغرب حاليًا. جذور التوتر بين البلدين تعود لإرث الاستعمار، صراع النفوذ في إفريقيا، التحالف الجزائري الروسي، صعود اليمين المتطرف في فرنسا، وأزمة الهوية في كلا البلدين. ردود فعل الجزائر على اعتراف فرنسا شملت سحب السفير، تجميد التعاون، اعتقالات، تصعيد إعلامي وقانوني، وعقوبات اقتصادية. محاولات التهدئة لم تُثمر حتى الآن، والسيناريو الأرجح هو استمرار التوتر، مع مواصلة الجزائر لتحالفاتها مع روسيا والصين. الأزمة ليست دبلوماسية فقط، بل معركة وجودية بين الجزائر وفرنسا. أخيرًا، أعلن عضو جمهوري في الكونغرس الأمريكي، جو ويلسون، تصنيفه جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية، وجددت الولايات المتحدة تأكيد اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء. رد الجزائر على اعتراف الولايات المتحدة كان أقل حدة من ردودها على فرنسا وإسبانيا، لأسباب جيوسياسية واقتصادية، بما في ذلك أهمية العلاقة مع واشنطن في مكافحة الإرهاب والطاقة، وكذلك إدراك الجزائر أن المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة ستكون مكلفة.