كان محمود تيمور يعتقد في بدايات نشاطاته الأدبية أن القصة القصيرة ستحل محل جميع أشكال الكتابة القصصية ، ولهذا أقبل على كتابتها بحماسة واندفاع شديدين ، وأصبح بالنتيجة أغزر كتاب القصة القصيرة إنتاجاً في جيله . كما وصل مجموع إنتاجه الكلي إلى ثلاثين مجموعة قصصية، إضافة إلى رواياته ومسرحياته العديدة . وفي تشجيع هؤلاء وتعويدهم على قراءة ما ينتج منه ، فقد بقى عالم تيمور القصصي ضيقاً . ولكن موضوع الحب والعواطف الجياشة والصادقة هو ما يشكل المحور الرئيسي الذي تدور حوله كثير من الموضوعات التي عالجها تيمور، ولا سيما تلك التي تأخذ طابعاً رومانسياً قوياً . أما الجنس فيقترن في هذه القصص"بالإثم والحماقة والقبح والابتذال". ومن الكتاب المصريين الذين ساروا على خطى تيمور في كتابة القصة القصيرة التي تجمع بين النزعة الرومانسية ( أو الإحساس الرومانسي) ، فإذا كانت علاقة البطل الرومانسي بالواقع الذي يحيط به تقوم عموماً على التوتر الدائم لأن أحلامه وتطلعاته تتناقض تناقضاً مع هذا الواقع ، ولهذا نراها تتكسر وتنهار لدى أول اصطدام لها به ، فإن البطل الرومانسي في قصص حسونة قادر على التغلب على سوء حظه العاثر ؛ كما تبرز هذه القصص "الإحساس بالغربة والعزلة الذي يعيشه البطل الرومانسي الموزع بين الأحلام المستحيلة والرغبة الجامحة في التدمير، بما في ذلك تدمير الذات" . سار أيضاً "سعد مكاوي" (1985-1916) الذي على يديه بلغت الحساسية الرومانسية ذروتها. يستطيع المرء العثور على شخصية متكاملة ومتماسكة للبطل الرومانسي ، ويواجه جواً مرعباً ، مغرم كحسونة وجميع الكتاب الرومانسيين بالطبيعة . فهو مجدها في قصصه " ويراها مصدراً للسعادة والأمل الكبير". أما في سوريا فقد اشتهر بكتابة القصة القصيرة التي تجمع بين النزعة الوطنية والإحساس الرومانسي كل من مراد السباعي (ولد: 1914) وبديع حقي (ولد: 1922) ، فقصص هؤلاء الكتاب "تعكس الرغبة في تصوير الواقع الاجتماعي ، والحاجة إلى استخدام القصة القصيرة وسيلة لغايات توجيهية وتربوية ووطنية وأخلاقية. مقارنة بما يكمن من أحاسيس مرهفة وأحلام رومانسية . لكن أهم كاتب سوري للقصة القصيرة الرومانسية في تلك الفترة هو من دون شك عبد السلام العجيلي (ولد 1919) الذي زودته خبرته الطبية القدرة على الملاحظة الحادة ، وبمهارة فائقة في معالجة مختلف المشكلات . إنه "ينظر إلى الفنان. ومرفوض من قبل المجتمع الذي بتسم بالتبلد وعدم التقدير" . ولو انتقلنا إلى فلسطين لوجدنا أن السوداوية العميقة تسيطر على معظم القصص القصيرة الرومانسية هناك . كل هذا وغيره كثير جعل القصة القصيرة الرومانسية الفلسطينية، وما من شك في أن سميرة عزام (1967-1927) تأتي في مقدمة الكتاب الفلسطينيين الرومانسيين . فموضوعات هذه الكاتبة يسيطر عليها الطابع الرومانسي الذي يكون الصراع فيه قائماً بين الذات الحساسة جداً والجو المحيط السيئ الذي لا تستطيع الشخصية قبوله أو تغييره . أما شخصياتها النسائية فتتسم بالإحساس القوي بالمثالية التي تجعلهن بعيدات عن بقية أفراد المجتمع ، فهن حساسات لكنهن يتصفن بالسذاجة الاجتماعية والقابلية للجرح من قبل الرجل وتلاعباته . كان سعيد تقي الدين وميخائيل نعيمة من أبرز كتاب القصة القصيرة الرومانسية التي ظهرت في الأربعينيات والخمسينيات من القرن العشرين . فقد حاولت قصص تقي الدين القصيرة أن تعبر عما يعتبره الكاتب سمة مميزة للمجتمع اللبناني ، فالوطن في هذه القصص هو " المصدر الأساس للعاطفة " إنه يملك القدرة على الإمساك باللبنانيين ، وحين تضعف الرابطة بين اللبنانيين ووطنهم ، تنفتح أبواب كثيرة للانحراف والخراب والدمار .