2.موقف الفلاسفة من مسألة "علم الله بالجزئيات" و( أي هل يعلم الله التفاصيل الدقيقة للأشياء أم الكليات فقط). يرى الغزالي أن قول الفلاسفة إن الله لا يعلم الجزئيات، من أخطر أقوالهم وأشدها انحرافًا، لأنه ينقض جوهر العقيدة الإسلامية، ويخالف النصوص القرآنية الصريحة التي تثبت أن علم الله شامل لكل شيء، كما في قوله تعالى: “لا يَغْرُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ”. وقد بنى الفلاسفة رأيهم هذا على أساس عقلي مجرد، رأوا فيه أن تعلق الله بالتغيرات الجزئية ينافي كماله وثباته، فشبهوه بـ”العقل الكلي” أو “العلة الأولى” التي لا تتغير ولا تتفاعل مع الأحداث الجزئية. لكن الغزالي رفض هذا التصور لأنه يفرّغ الألوهية من معناها الحقيقي، وهو أمر لا يقبله الشرع ولا العقل المؤمن. ولذلك عدّ الغزالي هذا القول كفرًا صريحًا، وجعله من المسائل الثلاث التي يُكفَّر بسببها الفلاسفة، لأن فيه جحدًا لعلم الله الكامل وإرادته المطلقة،