حينما كنت صغيرا تعلمت العزف على الأكرديون، نُقل البيانو إلى منزل والدي في غرفتي الخاصة، فبدأت بالتعلم كالذي يطبع على لوحة مفاتيح بإصبعين. وقال لي أنه لن يكون بإمكاني أن أعزف بيدي الاثنتين، فلنتذكر أنني كنت أعزف على الأكورديون ولم يكن يحتاج إلا ليد واحدة للعزف على اللوحة، كنت أشعر وكأن كل يد تحتاج لمخ خاص بها، جلست على البيانو ساعات متواصلة من الصباح إلى الليل، بعد ذلك انتقلت لما هو أقوى منها وبين الحين والآخر أجد نفسي أنجرف خلف الموسيقار ريتشارد كليدرمان والمقطوعات الناعمة الرومانسية الحديثة. بيني وبين نفسي كانت فكرة ربح الرهان تجول في خاطري، وبعد تعلمي لحصيلة من الموسيقى الكلاسيكية والرومانسية، جذبني إلى الدين بأسلوب جذاب جدا، فيأتي المصمم ليخبرك أن كثيرا من الديكورات التي شكلت بها حياتك ليست في محلها الصحيح، من الغرفة إلى السلم ثم إلى خارج البيت، شارف البيانو على نهايته بعد أن أوصلناه إلى الممر بين منزلنا وبين منزل الجار، ونزلت على البيانو الأسود اللامع بضربة شديدة وإذا به يتصدع، ثم تعاستي بعد تديني. وهكذا تحول البيانو من آلة جميلة ممتعة، لم أعزف البيانو بعدها ولمدة 25 عاما. ومع تطور ذوق الإنسان بالموسيقى تطورت الآلات لتغير بالتالي المذاق الموسيقي، وأحيانا يكون الاستماع من أجل العلاج، في كلا الحالتين العواطف تنجرف مع الموسيقى. عزفها وسماعها تكون باستقلالية تامة عن أي موضوع آخر، قلة قليلة من البشر تحرم الموسيقى، حتى وإن ذهبنا إلى ابعد من ذلك، ثم بعد ذلك تعزف الآلة أو الكمبيوتر بالنغم الموسيقي المطلوب، وبهذه الطريقة من التحايل على التحريم يوصل الموسيقار موسيقاه الجميلة إلى المستمع الممنوع من سماع أنواعها الأخرى، كل ما عليك أن تفعله هو أن تتجه لليتوتيوب لترى أن الكثير من هذه الأناشيد الجميلة الحلال والتي سمعها ملايين الناس تحتوي على المكونات التي ذكرتها. وهم ينهجون على قواعدهم الموسيقية الخاصة. لا فرق بين أنواع الموسيقى بشكل عام، فربما لن تكون كل الأصوات المقبولة دينيا تنتمي للتصنيفات العالمية من موسيقى كلاسيكية، ولكن هي بلا أدنى شك صوت موسيقي يعمل على قواعد موسيقية ما، ما السبب الذي يجعل الموسيقى مهمة في حياة الإنسان إلى درجة أنه يعيد تعريفها بأي طريقة حتى يتمكن من استماعها حتى بعد تحريمها؟ وما السبب الذي يجعل الناس حتى في أقصى حدود التحريم تجد مخرجا لتأديتها أو سماعها؟ هل هناك سبب علمي لذلك؟ وكانت كلها تأتي تحت عنوان “تأثير موزارت” The Mozart Effect. جرب بنفسك أن تكتب The Mozart Effect في أماوزن، وسترى كما هائلا من التسجيلات الموسيقية. وأمور أخرى كلها تتجاوز التأثير البسيط التي دلت عليه دراسة سماع موسيقى موزارت لتبقى هذه التأثيرات مع الشخص مدى الحياة، حيث أن أماكنا مختلفة اشتعلت في المخ في نفس الوقت، فقد قاموا بتقسيم الصوت الموسيقي إلى لحن وإيقاع لفهمه، وكل هذا يحدث في جزء من الثانية بين أن نسمع الموسيقى وبين أن نبدأ بالنقر بأرجلنا. ولكن حينما درس العلماء أدمغة عازفي الموسيقى بالمقارنة مع المستمعين لها، سواء في مؤسسات أكاديمية أو اجتماعية. فإن الموسيقيين عادة ما تكون لديهم قدرات وظيفية تنفيذية عالية، الدراسات بنيت أن الموسيقيين يبدون وكأنهم يستخدمون مخهم بروابطه الكثيرة لإعطاء كل ذاكرة أكثر من وسم (بطاقة أو شعار)، بما في ذلك الفنون الأخرى. عدة دراسات عشوائية لمتطوعين كانوا بنفس المستوى الوظيفي للمخ حينما بدأوا، وكشفت النغمات الداخلية والتفاعلات المعقدة التي تُكوِّن الأوركيسترا الهائلة للمخ. حتى أتأكد من صحة مزاعم ما ورد في هذه اللقطة الرسومية بحثت عن الأوراق العلمية التي تؤكد عليها، والمادة البيضاء عبارة عن المكونات للجهاز العصبي المركزي، وليست المسألة مجرد تزامن، إنما تعلم الموسيقى هو الذي يتسبب في نمو المخ، وهذا يؤثر مباشرة على تعلمهم. سترى أن المستمعين أثناء الهدوء تتساوى قدراتهم في إشارات المخ، حيث يمكن مقارنتها مع فئة الشباب من حيث الأداء. وخصوصا تلك التي لها علاقة بالسمع، ويقصد بذلك أن الطفل قادر على معالجة الصوتيات بشكل أفضل، وأن ذاكرته السمعية القصيرة المدى أفضل أيضا، لم يبدأ العلاج بالموسيقى حتى سنة 1944 في جامعة ميتشيغان ستيت، ويصعب على بعضهم حتى المسك بشيء أو ربما المشي، ولكن أي موسيقى ستعجبه بعد أن قضى كل حياته ممنوعا منها؟ أمر مؤسف جدا) أما مرض الزهايمر والذي يبدأ تدريجيا بفقدان الذاكرة إلى أن يمسح الكثير منها، إلى أن يصل في النهاية إلى فقدان بعض إدراكاته بذاته، ولكن المريض لا يفقد كل شيء، تأثيرها على المصابين بمرض الفصام (schizophrenia)، وهكذا ستجد العديد والعديد من الأوراق العلمية بدراسات لا حصر لها على الموسيقى. الموسيقى في جزء من التاريخ بعضها كان أقدم من مزامير الكهف الألماني، وهو أول شخص ينظر إلى الموسيقى من الناحية النظرية (كما جاء في مقدمة كتاب الموسيقى الكبير بقلم: دكتور محمود أحمد الحفني، لماذا انتعش الغرب في الموسيقى من الموسيقى الباروكية والكلاسيكية والرومانسية وغيرها؟ ولماذا لم يتطور العرب والمسلمين في هذا الجانب، لكنا نعتقد أن الموسيقى حلال، وكانت غالب المقالات عن التأثير الإيجابي للموسيقى، فعلى سبيل المثال،