ساعدوا الصليبيين الغربيين فى الاستيلاء على المدن والموانى المصرية والشامية أثناءالحركة الصليبية .وقد دأبت البندقية على مساعدة الامبراطورية البيزنطية ضد النورمان تحقيقا المصالحها الخاصة . والنتيجة أنها أفادت من وراء ذلك فائدة حربية ومادية، والخلاصة أن البندقية أصبحت فى أواخر القرن الحادى عشر دولة بحرية قوية تهتم بالتجارة وتعمل على أن تكون لمتاجرها أسواق خاصة ف يمختلف البلاد شرقي حوض البحر المتوسط المعروف باسم حوض الليفاتت .تلك هي حالة البندقية وما وصلت إليه فى الفترة التي أخذت فيها أوروبا تفكر في الحروب الصليبية. وتاريخ البندقية في أثنائها وموقفها منها تاريخ معروف . فقد كانوا يجرون وراء مصالحهم حيثما وجدت . فكانوا يشتركون مع الصليبين اذا وجدوا في ذلك مصلحة لهم. ولكنهم سرعان ما يتحولون ويسارعون الى التفاهم مع المسلمين وفقا لما تمليه عليهم مصالحهم الخاصة . بمعنى أن الحروب الصليبية كانت مجرد ورقة يلعبون بها. لقد كان هدف البنادقة منذ بداية الحركة الصليبية حتى نهايتها هو الربح والكسب المادى، ولم يكن يعنيهم الباعث الديني الا بالقدر الذى يحقق مصالحهم. فقد غلبت الصفة التجارية البحتة على مسلكهم وتصرفاتهم، ويكفى أن نعرف أن شعارهم الذي عرفوا به وقتذاك هو لنكن أولا بنادقة ، ثم لنكن بعد ذلك مسيحيين، وسيلقى هذا الموقف الكثير من الأضواء على طبيعة العلاقات بين البندقية والدولة البيزنطية وقتذاك .واذا عدنا إلى الصراع الدائر بين البندقية والنورمان خلال تلك الفترة من الزمن، تجد أن تاريخ البندقية وقتذاك عبارة عن شرح لموقفها من القوى النورمانية الصقلية، الذي أعاد الى الذكرى موضوع الاستيلاء على الشاطئ الأدرياتي. وقد رأينا أن موقف البندقية من الحروب الصليبية وحملاتها المتابعة على مصر والشام، موقتا تطلب من زعمائها كثيرا من الحذر. ذلك أنه اذا مالت البندقية الى الصليبيين من بني جنسها بحكم أنها دولة مسيحية مثلهم، كان معنى ذلك أنها تفقد تجارتها النامية مع البلاد الاسلامية في مصر والشرق الأدنى، كما أنها تجلب على نفسها عداوة بيزنطة واباطرتها. ثم أن تكونيها السياسي وقوتها البحرية لم تكن قد بلغت درجة الكمال بعد. اذ كان النورمان من ناحية الشاطئ الأدرياتي، والمجربون من ناحية دالماشيا والشواطئ البلقانية أصحاب الموانئ المتحكمة في الشاطئ الأدرياتي. وكان لابد البندقية أن تصبح صاحبة السيادة في تلك الثغور لتكون السيطرة على الطريق الذى تتوقف عليه تجارتها.