فترة الصراع بين أبناء فيصل بعد وفاة الإمام فيصل سنة 1282هـ/ 1865م تولى الحكم ابنه الأكبر الأمير عبد الله، فقد كان له دور مهم في إدارة شؤون حكم الدولة، ولقد تمكن الإمام عبد الله بن فيصل من القيام بمهام الحكم خلال النصف الأخير من سنة 1282هـ/1866م دون مشاكل تذكر، على أن الأمر لم يستتب له أكثر من عام واحد؛ إذ سرعان مادب الخلاف والنزاع بينه وبين أخيه الأمير سعود الذي كان يتطلع للحكم، مما دفعه إلى الخروج عليه في سنة 1283هـ/1867م. فخرج الأمير سعود من الرياض قاصدًا أمير عسير محمد بن عائض بن مرعي، طالباً منه الدعم ضد الإمام عبد الله، إلا أن ابن عائض اعتذر عن ذلك، بل وسعى جاهدًا في إصلاح ذات البين وتقريب وجهات النظر بين الأخوين، ورغم الجهود التي بذلها الإمام عبد الله وعدد من العلماء؛ على رأسهم الشيخ عبد الرحمن بن حسن، لإقناع الأمير سعود بن فيصل بالعودة وترك الشقاق، لم تثمر تلك الجهود عن أي تقارب لوجهات النظر. بعد ذلك انتقل الأمير سعود إلى نجران؛ حيث طلب مساعدة رئيسها الذي جمع له ما يحتاجه من الرجال، ووفد عليه العديد من زعماء القبائل الأخرى، مؤيدة وداعمة له في انشقاقه عن حكم أخيه، فانطلق سعود بتلك القوى المؤيدة له نحو الرياض، إلا أنه واجه هزيمة في معركة المعتلى سنة 1283هـ/ 1867م، مما اضطره إلى الهروب إلى بادية الأحساء عند قبائل آل مرة، وحصل على كثير من المساعدات من مشايخ الساحل العماني ومشايخ البحرين، وقد استجمع قواه مرة أخرى ليهاجم بها الأحساء ويحاصرها، في محاولة منه للضغط على الإمام عبد الله. وقد ترتب على ذلك أن سيّر الإمام جيشًا بقيادة الأمير محمد بن فيصل لمقاتلة سعود، وذلك في معركة الجودة سنة 1287هـ/ 1870م، وقد ترتب على تلك الهزيمة سيطرة قوات الأمير سعود بن فيصل على الأحساء، وحصوله على الدعم المادي الكبير منها، التي خرج منها الإمام عبد الله ودخلها الأمير سعود، لكن أهل الرياض ثاروا ضده بقيادة عمه الأمير عبد الله بن تركي، وقد حاول الأمير سعود بعد ذلك دخول الرياض مرة أخرى، حيث غادر الإمام عبد الله الرياض متجهاً إلى حائل، وفي طريقه اتصل بأمير عنيزة زامل بن سليم، محاولاً أن يكسبه إلى جانبه، إلا أن الأخير لم يشأ أن يتدخل في النزاع بين الأخوين. ويبدو أن الإمام عبد الله لم يتلق من زعماء حائل ما يشجعه على مواصلة سيره إلى هناك، فرأى أن يستنجد بوالي بغداد مدحت باشا. ولقد وجدت تلك الدعوة كل الترحيب من السلطات العثمانية في العراق؛ فقد كان لها رغبة في التوسع في المنطقة. وقد سير والي بغداد مدحت باشا حملته العسكرية في سنة 1288هـ/ 1871م، وتمكن من تغيير الأوضاع فيها وفي نجد، وعلى الرغم من استعادة الإمام عبد الله زمامَ السلطة في نجد، بعد وفاةِ أخيه الأمير سعود في أواخر عام 1291هـ، وتنازلِ الأمير عبد الرحمن بن فيصل عن الحكم لأخيه عبد الله الأكبر سناً، اقتصر حكمه على الرياض وما حولها، آخذًا في الضعف يوماً بعد يوم. وفي المقابل تزايدت قوة أمير جبل شمر محمد بن عبد الله بن رشيد، وتزايدت معها طموحاته في السيطرة على نجد، وذلك بفضل الدعم الذي حظي به من الدولة العثمانية.