النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية (حسن الأسمري) مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها - دراسة نقدية المؤلف: حسن بن محمد حسن الأسمري أصل الكتاب: رسالة علميَّة تقدَّم بها المؤلِّف لنيل درجة الدكتوراه، من قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة في جامعة الإمام محمَّد بن سعود الإسلاميَّة طبع على نفقة: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - قطر جدة - المملكة العربية السعودية النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ١(ص: ١) بسم الله الرحمن الرحيم ولم يتعرف عليه الباحثون، حتى إن بعضها لم يفهرس فهرسة دقيقة فضلًا عن النشر. فكان من المهم في هذه المرحلة أن تتجه الجهود لتقويم هذا التراث واستجلاء ما ينفع الناس منه في عصرنا، وإن وزارة الأوقاف والشؤون الإِسلامية بدولة قطر -وقد وفقها الله لأن تضرب بسهم في إحياء هذا التراث- لتحمد الله سبحانه وتعالى على أن ما أصدرته من نفائس التراث قد نال الرضا والقبول من أهل العلم في مشارق الأرض ومغاربها. والمتابع لحركة النشر العلمي لا يخفى عليه جهود دولة قطر في خدمة تراث الأمة منذ ما يزيد على ستة عقود، ومنذ انطلاقة هذا المشروع المبارك يسر الله جل وعلا للوزارة إخراج مجموعة من أمهات كتب العلم في فنون مختلفة تُطبع لأول مرة. وفي السُّنَّة أصدرت الوزارة كتاب (التوضيح شرح الجامع الصحيح لابن الملقن)، و (شرحين لموطأ مالك لكل من القنازعي والبوني)، و (نخب الأفكار شرح معاني الآثار للبدر العيني) إضافة إلى (صحيح ابن خزيمة) بتحقيقه الجديد المُتقن. و (حاشية الخلوتي في الفقه الحنبلي)، وكتاب (الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان الفاسي)، وفي الطريق إصدارات أخرى مهمة تمثل الفقه الإِسلامي في عهوده الأولى. واليوم يسر الوزارة أن تقدم لشداة العلم والمعرفة هذا الكتاب القيم (تأثير النظريات العلمية الحديثة في الفكر التغريبي المعاصر -دراسة نقدية في ضوء ________________________________________ العقيدة الإِسلامية للدكتور حسن بن محمَّد حسن الأسمري)، وهو دراسة علمية رصينة تعالج أثر النظريات العلمية الحديثة على المتغربين الذين يحيون مع الأمة بأبدانهم ومع أعدائها بقلوبهم وأفكارهم، ويسعون جاهدين في مصادمة حقائق الإِسلام وثوابته وعقائده وشرائعه بتلك النظريات التي أنتجتها عقول غربية في حالة من الخصومة الشديدة مع الدين وتسلط الكهنوت الكنسي. وإقامة العلوم الحديثة مستقلة بنظرياتها ومناهجها عن الوحي، ردًا على محاربة الكنيسة للعلوم وتنكيلها بأهلها ورميهم بالكفر. مؤكدًا أنه لم يكن ثَمّ خصومة في يوم من الأيام بين الإِسلام وصحيح العلم والمعرفة. ولا يفوتنا التنويه بالجهود المتميزة لمركز التأصيل للدراسات والبحوث الذي يشرفنا التواصل والتعاون العلمي معه. ونشكر القائمين عليه ونسأل الله -جل وعلا- أن يجعلنا وإياهم من المتعاونين في سبيل نهضة الأمة وتقوية بنيانها العلمي والفكري. المقدمة الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أما بعد: فإنه في العصر الحديث ما احتاجت الأمة ألزم ولا أوجب بعد تجديد أمر الدين مثل أهمية إصلاح أمر الدنيا، ومن فقه علماء الشريعة بذلك فقد جعلوها في درجة الواجبات ومن فروض الكفايات. فقد أعاقت هذه التيارات نهضة الأمة الحقيقية، وقد التصق المتغربون بالغرب وثقافته، ولكن التغريبي ركّز على الأمراض أكثر من تركيزه على النافع. وكان من أشهرها مشكلتا الضعف والتخلف وآثارهما في أغلب مجالات الحياة ونشاطاتها، وتسلط أعداء الأمة عليها من الداخل والخارج. ولحق ذلك تقدم في مجالات العلوم المختلفة، . وغيرهما من العلوم. بدأت الرغبة عند المسلمين في الإفادة من تلك العلوم لمسايرة المتقدم الموجود في العالم والاستفادة منها في حياتهم، ولكن هذه العلوم قد اختلطت بها أثناء نشأتها الحديثة انحرافات كبيرة كان من أخطرها موقفها من الدين الذي قد يصل بصور منها إلى الدفاع عن الإلحاد باسم العلم، والدعوة إلى إقامة العلوم الحديثة مستقلة بمناهجها ونظرياتها وتوجهاتها حتى لو خالفت الدين، ثم زاد ضرر تلك الانحرافات -المرتبطة بحركة العلم الحديث- وخطرها عندما خرجت عن مجالها الحسي والتجريبي لتُطبَّق في مجالات أخرى ولاسيّما مجال الغيبيات. وإلى نقد الضار منها وفق منهجية إسلامية شاملة، وكان من آثاره النشاط الكبير في أسلمة العلوم الحديثة الذي تتبناه جامعات هذا البلد المبارك في الأقسام العلمية المتخصصة، وتنشط فيه أيضًا جهات علمية وفكرية منتشرة في العالم الإِسلامي. ________________________________________ الاتجاه الثاني: الاتجاه العصراني الذي تأثر ببعض الانحرافات المرتبطة بحركة العلم الحديث وسلّم بعدد منها، ووقع في مشكلة ما يتوهمه من تعارض بين الدين والعلم الحديث، ودعوا إلى مواصلة طريقة المتقدمين من أهل الكلام وغيرهم، فكما قدّم أهل الكلام العقل على النقل عند توهم التعارض، الاتجاه الثالث: الاتجاه التغريبي وهو الاتجاه الذي تحمس لكل ما في الغرب أو أغلبه، حتى تلك التي تتعارض بوضوح مع ديننا وعقيدتنا، ولم يفرقوا بين الصحيح منها والفاسد، ثم إن منهم من يرى أهمية إعادة النظر في الدين حتى يتوافق مع العلم الحديث، على أن المقدم عندهم هو العلم بلا منازع، وإنما جاء الاعتبار للدين عندهم من أجل تلبية احتياج الجماهير للدين أو أنّ الدين يخص الجانب الروحي والأخلاقي، وأهمية دراستها وبحثها. العلاقة بين الانحرافات المرتبطة بحركة العلم الحديث والفكر التغريبي العربي المعاصر: من يتأمل في واقع المسلمين اليوم يجد أنَّ من أبرز الانحرافات شهرة هو ظهور الانحراف الفكري المعاصر متمثلًا في دعوات ومذاهب فكرية تغريبية منتشرة هنا وهناك، ولا يخفى على أي باحث حجم ذلك التأثير الذي مارسه الوافد الغربي على الأمة الإِسلامية. ________________________________________ ومن يبحث في صور تأثير الوافد الغربي في الفكر العربي المعاصر يجد أن أهمها ما يلي: 2 - الاستشراق. 3 - الآداب والفنون الغربية ومدارسها المشهورة. 4 - النظريات والمناهج والمفاهيم العلمية الحديثة. ثم تحقق الانفصال في القرون الثلاثة الأخيرة، وفي ذلك يقول هاشم صالح: "ثم جاءت العصور الحديثة مع ديكارت، . . وقد كانت هذه المرحلة فترة نشاط بعثات أبناء المسلمين إلى الغرب التي عرفت في القرن الماضي في عصر محمَّد علي والي مصر، وما زالت تلك البعثات مستمرة من أغلب بلاد المسلمين إلى اليوم، ولم يخلُ الأمر من تأثر بعض المبتعثين بتلك الروح المادية اللادينية التي ارتبطت بالانحرافات المنهجية العلمية المصاحبة لحركة العلم الحديث في الغرب، وأسهم بعض أولئك المبتعثين في نقلها إلى بلاد المسلمين بصور مختلفة. 1) العلم والإيمان في الغرب الحديث، هاشم صالح ص 5 - 6 كتاب الرياض عدد رقم (51). مواجهته؛ لذا اخترته موضوعًا للبحث الذي أقدمه -بعون الله- للدكتوراه بعنوان: تأثير النظريات العلمية الحديثة في الفكر التغريبي العربي المعاصر دراسة نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية ثم بدأ ينفصل عن الفكر الفلسفي مع بدايات العصر الحديث، وقد اختلط بمسيرته الجديدة بعد انفصاله عن الفلسفة بعض الأخطار التي مالت بمساره، والتصقت به على إثرها انحرافات خطيرة أصبحت سمة للفكر العلمي العلماني في الغرب، وأثّرت فيما بعد بمن أخذ بها من المسلمين، سواء من حرص على تلك العلوم لذاتها متأثرًا بما اختلط بها من انحرافات، أو من أراد استثمارها في تطوير الفكر "وهم المراد بهذه الدراسة"، إذ أجتهد -بإذن الله- في بحث سبب اتصال تلك الانحرافات بالفكر التغريبي العربي المعاصر، وبيان خطورتها العقدية والعلمية والفكرية والعملية، فهذه الأهداف هي مدار اهتمامي وبحثي. ويمكن إرجاع صور الانحرافات المصاحبة لحركة العلم الحديث ذات الأثر في الفكر العربي إلى صورتين: الأولى: نظريات علمية مخالفة للدين، أو فلسفات وأيديولوجيات مبنية على تلك النظريات العلمية؛ والثانية: مناهج علمية تناسب مجالها الحسي التجريبي ولكنها طُبِّقت في غير مجالها مثل تطبيقها على الدين. ومن أهم الأمثلة على انحرافات الفكر التغريبي العربي المعاصر في هذا الباب: 1 - الاستسلام لضغط النظريات العلمية في الموقف من الدين. ومن آثار ذلك تحريف النصوص الدينية عن مرادها والأصول الدينية عن معناها لكي تتوافق مع النظريات العلمية الحديثة، وقد اتسع التحريف عند بعضهم ليطال الدين كله، فشمل تأويل العقائد وتأويل الشرائع من أجل عدم معارضة العلم، النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ١(ص: ١٠) ________________________________________ فضلًا عن غيرهم من رموز الفكر التغريبي. والغلو فيه بما فيه من خير أو شر، وجعله أهم المصادر، وللعلم عندهم -بمفهومه الحديث- الكلمة الفصل فيما اختلف الناس فيه، في تقليد لتيار العلموية الذي ظهر في الغرب، وهو تيار عرف عنه تحويل العلم إلى عقيدة جديدة. 3 - نقل المناهج العلمية المناسبة للقضايا المحسوسة إلى مجال الغيب، وتطبيقها على أبواب الغيب والأبواب الشرعية، ويرون أنها أفضل من المناهج التقليدية بحسب زعمهم، وإذا كان العلم الحديث في الغرب نشأ مستقلًا عن الدين ومعاديًا -مع أكثر دعاته- لكل ما هو ديني فهذا يكفي دلالة على نوع تلك المناهج ووجهتها وطريقة تعاملها مع أي دين، . . 4 - نقل النظريات العلمية ذات المعارضة البيّنة للإسلام إلى بلاد الإِسلام، مثل الدعوة إلى أفكار النظرية التطورية الدارونية حول وجود الحياة وخلق الإنسان وما ارتبط بها من فكرة التطور، وعرض نظريات في علم الفلك والفيزياء الحديثة حول وجود الكون بطريقة العرض المادي العلماني لها، ________________________________________ 1) من كتابه: التراث والتجديد ص 141. 2) قضايا في نقد العقل الديني ص 326، ________________________________________ ونشر نظريات في علم النفس مثل نظريات فرويد وغيره التي تصوِّر التدين والعقائد التي فطر عليها البشر بأنه مرض نفسي نابع من اللاشعور نتيجة غرائز جنسية بما في ذلك الإيمان بوجود الله، وأن الأنبياء عليهم السلام جميعًا مصابون -كما يقول فرويد- بنوع من العصاب يدفعهم إلى ادعاء تلقي الوحي والاتصال بالله تعالى، ومن علم الأنثربولوجيا نظريات حول نشأة الأديان في المجتمعات والشعوب البدائية ثم تطورها عند الشعوب الكتابية، غير مفرِّقين في ذلك بين دين نزل من السماء أو أديان وثنية أوحى بها الشيطان لأتباعه، لأنه يتعارض مع علم الاقتصاد، بل حتى في علم الأخلاق نجدهم يرفضون الأخلاق الدينية ويستبدلون بها أخلاق علمية مصدرها العلم وتتوافق معه كما يزعمون. هذه وأمثالها تمتلئ بها كتب رموز فكرية عربية تغريبية بصورة أو أخرى، وتُنشر بقوالب فكرية وثقافية متنوعة بعد إخراجها من بيئتها التخصصية إلى بيئة الفكر والثقافة وتطبيقها على الدين الإِسلامي. 5 - بناء أصول فكرية جديدة مستمدة من الفكر العلمي الحديث تتعلق بتصور الكون والحياة والنفس الإنسانية، وتتعارض مع الدين أو معظم أصوله. بداية بالجهود الفكرية التي تؤصل لذلك، وصولًا إلى النشاط الواقعي لتحقيق هذا الهدف بحجة أن العلم لا يتطور إلا بابتعاده عن الدين وضوابطه. ثم استغلال فكرة التعارض في رمي الدين بشتى صنوف التهم بحجة عدم علميته وعقلانيته، ثم رفع دعوى أهمية تأويله أو نبذه. ويدعون أيضًا إلى النظرة العلمية للأديان والمجتمعات والحياة، ________________________________________ وشبلي شميل، وفؤاد زكريا. فهذه الأمثلة هي أصول عند طائفة من المتغربين كانت -وما تزال- مرتبطة بالانحراف المصاحب لحركة العلم، أهمية الموضوع: 1 - بيان خطورة الانحراف العقدي الناتج عن التأثر ببعض النظريات العلمية الباطلة، ومن صوره المشهورة: - زرع الشُبَه والشكوك حول أبواب العقيدة. - تأويل العقائد التي لا تتوافق -بزعمهم- مع النظريات العلمية. - هجر الأصول العقدية، أو نبذها واستبدال نظريات علمية بها. 2 - خطورة نشر دعوى التعارض بين الدين والعلم الحديث، أو بين الأصول العقدية والنظريات العلمية، 3 - ما يمثله العلم الحديث من فتنة في هذا العصر عند كثير من الناس، إذ يختلط فيه الحق بالباطل عندهم، فهم يظنّونه على درجة واحدة فلا يعلمون الفرق بين الصحيح منه والباطل، ولذا يتأثرون ببعض الانحرافات المرتبطة بحركة العلم الحديث جهلًا بها، ولاسيّما مع انتشار الجهل بالعلم الشرعي في كثير من بلاد المسلمين، وعندما يأتي أصحاب الفكر المنحرف من باب العلم الحديث ونظرياته فإنهم ينجحون في نشر ما يريدون لتمسحهم بالعلم والكشوفات العلمية. 4 - يحرص رموز الفكر التغريبي العربي المعاصر على بيان أهمية إدخال الروح العلمية الغربية العلمانية إلى العالم الإِسلامي وتطبيقها على الدين والتراث والمجتمع، النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ١(ص: ١٣) ________________________________________ واعتماد الحس معيارًا أساسيًا للمعرفة، 5 - تبنّي أغلب المذاهب الفكرية الدعوة إلى العلم الحديث دون تحديد لمفهوم العلم، فيدخل فيه العلم وأشباه العلم والانحرافات المرتبطة به، فلا يُفرَّق بين علوم نافعة وبين نظريات إلحادية أو مناهج غير مناسبة لمجال آخر غير مجالها الحسي، ."، ويؤكد حاجة هذه المعاهد إلى العلوم الحديثة، ويرى أن التدين المنتشر اليوم في العالم الإِسلامي مصدره أصول الدين والفقه القديمة التي لم تُراجَع في ضوء العلوم الاجتماعية الحديثة إذ ما زالت تُدرَس بصورتها القديمة في كليات الشريعة. فمثل هذه الحملات على الإِسلام وعلومه تُقام باسم العلم الحديث ومناهجه دون تفريق بين الحق والباطل (1). 6 - زاد من خطورة الأمر وقوع مجموعة من الخيِّرين في خطأ منهجي، . . وتحمسوا للدفاع عن الإِسلام بإرجاع كثير من النظريات والأفكار العلمية إلى النصوص الدينية، وادعاء مخالفته للعلم الحديث، ولذا كان من المهم التوقف النقدي مع هذه الظاهرة. لأنها تمثل العقل العلمي ________________________________________ 1) انظر: قضايا في نقد العقل الديني، الحديث، فهذه قضايا توضح أهمية الموضوع، أسباب الاختيار: 1 - ما وجدته من أهمية كبيرة لهذا الموضوع. 2 - ندرة الدراسات حول هذا الموضوع في ضوء عقيدة أهل السنة والجماعة رغم أهميته. 3 - ما ظهر لي من أساليب التلبيس عند الاتجاه التغريبي في هذا الميدان، إذ يتمسحون بالعلوم الحديثة في تأكيد أصولهم الفكرية مع أنها في الحقيقة تلبيسات وأباطيل، ولذا فهي تحتاج إلى كشف وبيان ونقد حتى لا يُغترّ بها. ومن جهة أخرى ما ارتبط بهذه العلوم من نظريات مادية أو تطبيقات غير منهجية على أبواب لا تناسبها تلك المناهج لاسيّما مع كثرة من يحتك بتلك العلوم. والرد على من يستثمر الانحرافات المتصلة بحركة العلم الحديث للطعن في الدين. 1 - جمع أبرز صور التأثر بالنظريات العلمية عند الاتجاه التغريبي ذات الصلة بموقفهم من الدين. 2 - كشف أسباب الانحرافات التي صاحبت تطور العلم الحديث، وأسباب تأثر الاتجاه التغريبي بتلك الانحرافات. النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ١(ص: ١٥) ________________________________________ الدراسات السابقة حول الموضوع: فلم يتيسر لي الحصول على كتاب في المكتبة العربية يتناول المشكلة التي أريد بحثها ويعالج القضية نفسها التي أنوي معالجتها بإذن الله، وقد توجد كتب فيها عناصر ترتبط ببحثي لكنها لا تتناول ما أتناوله من الجهة نفسها، وما في معناها وبابها، وهي كتب كثيرة يصعب حصرها، لأن هدف مؤلفيها -في الغالب- إثبات مكانة العلم في الإِسلام لا آثاره على الفكر، فما يأتي من فقرات حول التغريب والعلمانية يأتي تبعًا ودون قصد. ولكن هذه الكتب لها فائدتها في إبراز مكانة العلم في الإِسلام، كما أن في بعضها مناقشات للاتجاهات المادية الغربية التي استغلت العلم الحديث ونظرياته في تأصيل رؤيتها المادية. ومع ذلك توجد -في كثير منها- مشكلة التوسع في بابين اشتُهرا في الدراسات المعاصرة هما: التفسير العلمي للنصوص الدينية، والإعجاز العلمي في الكتاب والسنة، فهذا التوسع يعيق الاستفادة العلمية من هذه الدراسات؛ ومن بين الكتب الثرية بالمعلومات حول هذا الباب -مع الاختلاف مع النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ١(ص: ١٦) "الإِسلام والعلم الحديث" لعبد الرزاق نوفل، وله أيضًا كتابا "بين الدين والعلم" و"السنة والعلم الحديث"، و"الدين والعلم الحديث" لإبراهيم محمَّد عبد الباقي، و"الإِسلام بين العلم والدين" لشوقي أبو خليل، يوجد فصلان من فصول البحث تناولتها كتب أخرى لكن من زاوية مختلفة عن مرادي، فأغلب من كتب في العلمانية تناول هذين الفصلين بصورة أو أخرى، . . . وأمثالها من الكتب المعاصرة فضلًا عن الكتب التي وردت في القسم الأول، وصور تأثرهم بالنماذج الغربية، ثالثًا: "منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير" وهي رسالة علمية مطبوعة لفهد الرومي: وذكر أنَّ من أسباب النظريات العلمية الحديثة مسيرتها الفكرية وأسلوب الفكر التغريبي العربي في التعامل معها دراسة نقدية - جـ ١(ص: ١٧) ________________________________________ . . .، 2 - أن أثر الانحراف المرتبط بحركة العلم الحديث كان جزءًا من بحثه يتناوله بحسب الحاجة، 3 - أن الباحث تناول تلك الفئة من جهة التفسير، أما في بحثي فسيكون تناولها من جهات أخرى أهمها جهة العقيدة وجهة الفكر، وذلك في فقرة مخصصة لها. وكذلك ما يدور في فلك هذه الدراسة من كتب وبحوث حول الاتجاه العصراني فإن التناول فيها يكون من منظور أوسع من منظوري المتخصص في أثر الانحراف المنهجي العلمي على الفكر، . وما في بابها، ومن ذلك أيضًا البحوث الجامعية العلمية حول العقلانية المعاصرة، وتركز غالبًا على العصراني منها. رابعًا: الكتب التي تدور حول الفكر العربي المعاصر ومذاهبه: توجد في الساحة العلمية والثقافية كتب كثيرة حول الفكر العربي المعاصر ومذاهبه، و"حصوننا مهددة من داخلها"،