من الناحية اللغوية كلمة وثيقة مشتقة من الفعل وثق أى ائتمن ، ووثَّق أى أحكم ، نقول ووثَّق الأمر أى أحكمه وأثبته ، والوثائق هى كل ما يعتمد عليه أو يرجع إليه لإثبات أمر وإحكامه وإعطائه صفة التحقق ، أو يؤتمن على وديعة فكرية أو تاريخية تساعد فى البحث العلمى ، أو تكشف عن جوهر واقع ما أو تؤكد على إجراء تصرف قانونى سواء كان عام أم خاصونستخلص من هذا التعريف الذي نحن بصدد الكشف عن معناه في اللغة، بأن الوثائق هي كل ما يعتمد عليه، ويرجع إليه لأحكام أمر وتثبيته وإعطائه صفة التحقق والتأكد من جهة أو يؤتمن على وديعة فكرية أو تاريخية تساعد في البحث العلمي أو تكشف عن جوهر واقع ما أو تصف عقاراً أو تؤكد على مبلغ أو عقد بين اثنين أو أكثر•فالوثيقة تطلق على المستند سواء كان قانونياً أو ليس قانونياً، وعلم الوثائق يدرس دراسة تحليلية نقدية أي م*ادة مكتوبة، وقد تكون محتوية على فعل قانوني أو تكون متعلقة بجهاز إداري أو فرد• والوثيقة بعد كل هذه التعريفات تعني تلك الوثائق التي يكون لها أهمية تاريخية أو قانونية أو مالية ويمكن الرجوع إليها مستقبلاً لاستنباط المعلومات التي تفيد المؤرخ أو الباحث•تعتمد الوثيقة في الأصل كمستند علمي أو مالي أو قانوني على عناصر ثلاثة هي:2ـ1ـ أن تكون المصدر الذي يستمد منه الباحث المعلومات التي يركز عليها في دراساته وتمده بالحقائق وتفتح له مجال النقد، وتؤكد للباحث حقائق ثابتة يعتد بها العلم• مثال ذلك الوثيقة التي عثر عليها في الأردن وتعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد تناهض ادعاءات اليهود وما قيل في التوراة• فالوثيقة العربية والتي عرفت باسم >الحجر المؤابي< أبطلت الدعوة الإسرائيلية• لقد تحدثت التوراة عن انتصارات أحرزها الإسرائيليون ضد مملكة مؤاب التي عرفت باسم جد المؤابيين الأول، واتخذت من منطقة شرق الأردن وشرق بحر لوط "البحر الميت" مملكتها حتى إذا نهض فيها الملك ميشع وحارب الإسرائيليين وحقق عليهم انتصارات ساحقة، وحفر الآبار وبناء القلاع، ودون على حجر كبير أقامه في عاصمة بلاده مآثره وانتصاراته ويعرف اليوم باسم "الحجر المؤابي"•(4)2ـ2ـ الوثّاق أو الموثق: وهو الخبير الذي يهتم بالوثيقة فيدرس جوهرها ليقرر صلاحيتها للبحث، ومن مهامه صيانة الوثيقة وفقاً للأسس العلمية، وبالتالي يعمل على حفظها•2ـ3ـ المنتفع بالوثيقة: وهنا يعرف بالباحث أو العالم أو القاضي أو الإعلامي أي كل من يهتم بدراسة الوثائق ليستنبط منها ما يساعده في عمله• 3 ــ أنواع الوثائق وأشكالها:يمكن تقسيم الوثائق وفق عدة أسس:وتقسم إلى نوعين:ـ وثائق يقصد بها أن تكون مستنداً أو دليلاً أمام القضاء يثبت بها الفعل أو التصرف القانوني الذي يتم بمجرد توافق الإرادتين•ـ وثائق ضرورية لقيام عمل قانوني، ومثال ذلك: الهبة التي لا تتم من الناحية القانونية إلا بوثيقة•إن هذا التقسيم مهم من وجهة نظر القانون فكلما زاد الاعتماد على الوثائق المكتوبة في دعم رأي أو عمل ما كان ذلك دليلاً على تقدم النظم القانونية والحضارية في الدولة، إذ إن الكتابة تفوق الشهادة، والكلام ينسى وتبقى الكتابة•وتقسم إلى:3ـ2ـ1ـ الوثيقة الكتابية وتتكون من:ـ كل ما أؤتمن على وديعة مخطوطة باليد وتظهر بأجزاء متتابعة أو مدة محددة وزمن معين وكتبت من مسؤول رسمي وهذه الوثائق صحيحة لايمكن الطعن فيها•ـ وثائق قام بتحريرها أفراد دون الرجوع إلى موظف رسمي مختص أو أنها ليست معتمدة من جهة رسمية•3ـ2ـ2ـ الوثيقة التصويرية ويأتي هذا النوع من الوثائق في درجة تلي الوثيقة الكتابية، وتعد في علم التوثيق وثيقة مساعدة بمعنى أنه لا يعتد بها وحدها، لأن المحتوى فيها موضع ترجيح أو شك وهي في الغالب رسم ما نقل بالزيت أو بالقلم أو بالفحم أو صورة أو نقش في الحجر أو صورة شمسيةوتعد أيضاً من الوثائق المساعدة، وهي مماثلة للوثيقة التصويرية حيث إنها مماثلة لها في كثير من المقومات وهي تكون بناء قصور لأشخاص مرموقين أو مؤسسات رسمية أو معالم أو آثار معمارية كقصر الحمراء في غرناطة أو أهرام الجيزة ومسجد قرطبة، وقصر إشبيلية وجامعة القرويين في فاس وقبة الصخرة وكنيسة القيامة في القدس وغيرها من المعالم الخالدة(5ـ2ـ4ـ الوثيقة السمعيةوتدخل هذه أيضاً في نوع الوثائق المساعدة التصويرية والتشكيلية وهي في الغالب تسجيلات صوتية أو إذاعية أو تسجيل أسطواني أو شريط سينمائي•ومع التطور المعاصر والتطورات الإلكترونية أصبحت هذه الوثيقة يعتمدها الخبراء في دراسة الغناء ومستوى الصوت وطبقاته، وأيضاً دراسة اللهجات الخطابية وأسلوب الحوار والنقاش عند رجال السياسة وزعماء العالم فيستندون بذلك على دراسة شخصياتهم ومدى تأثيرهم على الجماهير•3ـ3ـ من وجهة نظر المؤرخين تقسم الوثائق إلى:3ـ3ـ1ـ وثائق ديوانية: صدرت عن ديوان أو دواوين وتتبع قواعد وأساليب ثابتة في صياغتها وطرق إخراجها وشكلها•3ـ3ـ2ـ وثائق غير ديوانية: أصدرتها هيئة أو مؤسسة ليست لها قواعد أو أساليب أو أشكال ثابتة•3ـ3ـ3ـ وثائق قومية: تحفظ تراث الأمة القومي الذي يعكس نشاطها في كل المجالات ولاسيما المخطوطات والرسائل وأشكال الوثائق•(6) هذه الدراسات في الوثيقة من حيث اللغة والنوع والدور الإنساني والحضاري هي الركيزة في عملية التوثيق الذي يهدف إلى جمع الوثائق لغرض البحث العلمي أو التنظيم أو التخطيط، والتطوير الإداري وتوفير المعلومات•هناك أكثر من أساس يمكن اعتماده لتقسيم الوثائق إلى أنواع :1- فمن حيث نوع المادة المكونة للوثيقة هناك: الوثائق البردية – الورقية – السمعية أو الصوتية – البصرية – الفيلمية – الالكترونية أو الرقمية2- ومن حيث الموضوعات المحتواة فى الوثائق هناك الوثائق الدينية – السياسية – الاقتصادية – العسكرية – الإدارية – التاريخية – الأدبية 3- ومن حيث علاقتها بالمؤسسات فهناك: وثائق المؤسسات الحكومية - الجامعات - وثائق المعابد– الأديرة– البنوك– المجالس التشريعية– المؤسسة العسكرية- المحاكم 5- ومن حيث تداولها والاطلاع عليها هناك:- وثائق يجوز الاطلاع عليها وتداولها وهى التى تتعلق بموضوعات عامة غير سرية وتم نشرها أو إبلاغها للجهات والأشخاص الطبيعيين والاعتباريين ، وتتاح مثل هذه الوثائق للباحثين والدارسين للاستفادة منها فى البحث العلمى ، ومن أمثلتها الأنظمة واللوائح والسياسات والخطط والبرامج والميزانيات والإحصاءات والتقارير- وثائق يحظر تداولها لغير الموظفين المختصين أو بأمرهم لسريتها أو لاشتمالها على معلومات تخص أشخاص معينين أو مؤسسات محددة وليس من المصلحة الاطلاع عليها أو إفشاء ما تتضمنه من معلومات6- وبالإضافة إلى ذلك تقسم الوثائق من حيث المراحل العمرية للوثيقة – كما سبق أن ذكرنا- إلى ثلاثة أنواع هى :- الوثائق الإدارية – والمحفوظات - الوثائق التاريخية . وسوف نتناولها بشيء من التفصيلخصائص الوثيقة وسماتهاتتميز الوثائق بمجموعة من الوثائق هى وهى بهذه الصفة تعتبر جزء لايتجزأ من نشاط المؤسسة التى انتجتها أو تلقتها، لذلك لايتوقع منها سوى الحقيقة باعتبارها جزء من عمل الإدارة التى أنتجتها - المصداقية : وتعنى اشتمالها على معلومات صحيحة خالية من الشك لكونها خضعت للوصاية من الجهة الرسمية التى أنتجتها أو من ينوب عنها شرعا أو قانوناً، وذلك على عكس المعلومات الواردة فى المصادر الروائية كالكتب والدوريات فهى معرضة بشكل إرادي للخطأ والصواب.- الطبيعية : حيث تتكون الوثائق طبيعيا من خلال ممارسة الجهة الرسمية لأعمالها وأنشطتها اليومية المستمرة- العلاقات المتبادلة : حيث ترتبط كل وثيقة بعلاقات وطيدة مع بقية الوثائق الأخرى سواء أكانت داخل المجموعة الوثائقية أو خارجها ، لذلك يكون من الصعب – فى أحيان كثيرة - فهم ومحتويات وثيقة ما بدون الرجوع إلى الوثائق الأخرى التى ترتبط بها ،نظرية الأعمار الثلاثة للوثائقالوثائق مثلها مثل كافة الأشياء لها مراحل عمرية ، ويقسم علماء الوثائق حياة الوثيقة إلى ثلاث مراحل تعرف بنظرية الأعمار الثلاثة للوثيقة ، وهذه المراحل هى:1- العمر الإدارى وهى المرحلة الأولى وتبدأ منذ إنشاء الوثيقة فى المؤسسة الإدارية، وهنا تكون الوثائق مستخدمة بشكل منتظم خلال أوجه النشاط الإداري الجارى للمؤسسة التى أنتجتها ، ولذلك توصف الوثائق فى هذه المرحلة بأنها نشطة أو جارية ، وتسمى بالوثائق الإدارية ، ويطلق على هذا المرفق الذى يضمها ويعمل على ضبطها وحفظها وتنظيمها وتيسير إتاحتها للإفادة منها بمركز المعلومات الإدارية. وهنا تمر الوثائق فى هذه المرحلة بأخطر فترات حياتها حيث يتقرر مصيرها بصفة نهائية فهى إما أن تحيا وتحول إلى الأرشيف التاريخى لتستخدم كمصدر للبحث العلمى والتاريخى ، وإما أن تعدم فوراً ، وحتى لا يكون الحكم على مصيرها مستعجلاً ولكى تتوافر ضمانات الدقة وعدم التسرع توضع فى مكان مستقل يتولى أمر فحصها وتقييمها والحكم عليها، فضلاً عن حفظها بقصد الرجوع إليها عند الحاجة، وهذا المكان يطلق عليه مركز الأرشيف الوسيط ، أو دار المحفوظات.3- العمر التاريخى : أو المرحلة الثالثة فى حياة الوثيقة حيث أصبحت لا تطلب للاستخدام الإدارى وتم تقييمها فى مركز الأرشيف الوسيط والحكم عليها بالحفظ الدائم لقيمتها الدائمة كمصدر لدراسة تاريخ الدولة ، وتسمى الوثائق فى هذه المرحلة بالوثائق التاريخية أو الأرشيف ، ويطلق على المرفق الذى يضمها ويعمل على ضبطها وحفظها وتنظيمها وتيسير إتاحتها للإفادة منها من قبل الباحثين والمؤرخين بدار الوثائق التاريخية أو مركز الوثائق القومية . العرب أمة كانت تقطن شبه الجزيرة العربية، وقد سميت كذلك تمييزاً لها عن العجم المراد بهم الفرس والترك والإفرنج• فالعربية المشتقة من الأعراب أو العروبة أو العروبية وهي تعنى الفصاحة والوضوح والبيان، وربما لهذه المعاني سمى العرب أنفسهم عرباً،